المـزارات

من الكتب التي قرأتها في هذا الشهر الكريم ( كتاب التيار الإسلامي في الخليج العربي ) دراسة تاريخية لهاشم عبدالرزاق صالح الطائي من منشورات مؤسسة
الانتشار العربي عام 2010 م ، وهو كتاب حديث يعالج نشأة التيار الإسلامي وتطوره في منطقة عربية لها مكانة وأهمية متميزة إقليمياً ودولياً هي منطقة الخليج العربي ، ومن خلال التنظيمات والأحزاب التي ظهرت في فترة الحرب العالمية الثانية واجتياح العراق للكويت .
والكتاب يعتبر دراسة علمية للحركات الإسلامية ونشأتها والمجددين الذين ظهروا وحركات الإسلام السياسي وفرق الكلام والمعتزلة ، وشخصيات فكرية جددت
في الإسلام وحافظت على أصوله مثل : الحسن البصري ، أحمد بن حنبل ، ابن تيمية ، ابن القيم ، محمد بن عبدالوهاب ، جمال الدين الأفغاني ، محمد عبده ، ومحمد رشيد وغيرهم .
ويذكر المؤلف أن الإسلام تعرض إلى تحديات كثيرة منها اختلاف المسلمين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم قيام الدولتين الأموية والعباسية وقوة
الإسلام وإنتشاره أنذاك حتى وقت دخول المغول إلى بغداد والقضاء على الخلافة العباسية ، ثم عودة الجهل والخرافات والتعلق بالقبور والأضرحة مع دخول الغرب وإستعمارهم للدول الإسلامية وسقوط الدولة العثمانية .
وهنا يثني المؤلف على الشيخ محمد عبدالوهاب رحمه الله وبداية تكونه الفكري ، ورحلاته لطلب العلم في مختلف المدن والأمصار ، ثم إنكبابه على العلم بعد أن
تألم لحال المسلمين وإنتشار البدع والخرافات ومن ذلك منطقة نجد التي يعيش فيها ، فتأكد له أهمية العودة إلى الدين الصحيح وإلى أصول القرآن والسنة وإعادة
الناس إلى عقيدة التوحيد ، واستفاد من كتب أحمد بن حنبل ، وابن تيمية رحمهما الله واللذين كان لهما دور في الحفاظ على عقيدة المسلم في موقف أحمد بن حنبل ضد المأمون بعد تبنيه لفكر الاعتزال ، وجهود ابن تيمية في الحرص على عقيدة التوحيد وتجديد الإسلام ووقوفه بحزم ضد التتار ، ومن هنا حرص الإمام محمد بن عبدالوهاب على العقيدة وبدأ الدعوة في محيطه ووجد النصرة والدعم والإسناد من أمير الدرعية الإمام محمد بن سعود رحمه الله الذي مثّل الاتفاق معه مرحلة فاصلة في حياة الدعوة وتحولها إلى حركة مؤثرة وبداية الدولة السعودية الأولى وامتدادها قوية إلى عهدنا الحالي في طورها الثالث ولله الحمد .
وخلال قراءتي للكتاب ربطت بين ما تبثه بعض القنوات الفضائية من دول كالعراق وإيران وغيرهما من إنتشار البدع والخرافات وزيارة القبور والأضرحة والتوسل إليها والتعلق بالأولياء الصالحين ، وما بذلته الدعوة السلفية في محاربة هذه البدع ويتضح لي من متابعة هذه القنوات حجم الجهل الذي تعرضه عن القبوروالأضرحة والمزارات المكسية بالذهب والفضة وحالة الدروشة التي تعتري الزوار وزحامهم الشديد والتوسل لدى القبور والدعاء من دون الله وتقديم النذوروالمبالغ النقدية والتعلق بالأولياء الصالحين في منظر محزن يمثل الشرك بالله ومجافاة لعقيدة التوحيد الخالصة مع تأييدٍ من دعاتهم وعلمائهم لهذه الدروشة العجيبة حيث التعلق بالقبور وشد الرحال إليها من مختلف الدول والمناطق ، وهذا للأسف مشاهدٌ أيضاً في عددٍ من الدول العربية والإسلامية الأخرى .
وبحمد الله نفتخر ونعتز بوجودنا في أرض التوحيد وفي بلد العقيدة الخالصة التي حاربت الجهل وقضت على هذه المزارات الضالة والمضلة .
almsebeeh@hotmail.com