Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

دقيقتان : تصنعان الصورة !

اعترف لكم انني لا اعرف امين عسير .. لا اقصد بشكل شخصي .. ولكنني لا اعرف حتى اسمه ، ولو سألني « جورج قرداحي « سؤال المليون : ما اسم امين عسير ؟

A A

اعترف لكم انني لا اعرف امين عسير .. لا اقصد بشكل شخصي .. ولكنني لا اعرف حتى اسمه ، ولو سألني « جورج قرداحي « سؤال المليون : ما اسم امين عسير ؟ لقمت بحذف اجابتين ، ومن ثم سأطلب منه فرصة « الاتصال بالصديق « محمد زايد الألمعي لعله ينجدني من هذا السؤال الورطة .. مع شكي الكبير أن شاعرنا الكبير يعرف اسم أي « أمين « في البلد !
أما الآن .. فالبلد من أقصاها إلى أقصاها تعرفه .
انها « ثقافة الصورة « ، والمشهد المُصور ، حتى وإن كان لا يتجاوز دقيقتين ، يفوق حضوره ثقافة المقروء حتى وإن كان بحجم مكتبة الكونغرس . الناس - كل الناس - تعرف الاشخاص الذين يقدمون نشرات الاحوال الجوية في « العربية « أو « الجزيرة « ولكنهم لا يعرفون الكثير من العقول المهمة في بلادهم .
دقيقتان - على اليوتيوب - جعلتا كل الناس تعرف من هو أمين عسير .. وكوّنتا عنه (صورة ) رغم أنها هي الصورة الوحيدة التي يعرفونها عنه .. إلا أنها اصبحت صورة راسخة في الذهن .
نحن لا نعرف من حياة هذا الرجل ، وتاريخه العلمي والعملي ، سوى تلك « الدقيقتين « ، ومن خلالهما تحرك الرأي العام والشعبي للهجوم على الرجل .
دقيقتان: استطاعتا أن تقضيا - على الأقل شعبياً - على ملايين الدقائق من حياته .. فنحن لا نعرف سوى تلك الدقيقتين .
دقيقتان : جعلتاه يظهر بصورة لا يتمناها أي مسئول في العالم .
دقيقتان : صورتاه على أنه أحد أسباب الخلل في البلد .
ولكن ، تعالوا لنتخيّل المشهد بشكل آخر :
يرد أمين عسير على المواطن بكلمات من نوعية « أبشر « .. « نحن وضعنا في هذا المكان لخدمتك « .. « تامر سيدي المواطن « ... تخيّلوا معي أنه قال هذه الكلمات - حتى وإن كان لا يعنيها .. أو لا يُفكر بتنفيذها - ثم .. تخيّلوا معي أنه انتبه لوجود الكاميرا في المكان ، وأراد أن يضيف قليلا ً من البهارات على المشهد ، وقام من كرسيه ليعتذر للمواطن عن أي تقصير .. ويختم المشهد بتقبيل رأسه !
هنا .. ستتحول « الدقيقتان « إلى مشهد رائع وعظيم لرجل رائع وعظيم .. وتتحول الحملة إلى : « شكراً أمين عسير « .. ولا نسأل لحظتها - عدا تلك الدقيقتين - ما الذي فعله بملايين الدقائق الأخرى خارج الصورة ؟!
انها « ثقافة الصورة « تُشكل الرأي العام كما تشاء ..
والصورة البشعة ( الحقيقية ) والصورة الرائعة (المتخيلة ) كلتاهما لا تنصفان الرجل .. ولا تقولان الحقيقة كاملة .

انا - هنا - لا أدافع عن الرجل ، ولا أتهمه ، ولا أهجوه - ولا يوجد اسهل من المديح المجاني سوى الهجاء المجاني - ما افعله هنا هو محاولة لقراءة المشهد وتأثيره ..والذي فعله الرجل - خلال تلك الدقيقتين - خطأ .. وخطأ كبير جداً ، تعامل بغطرسة واهمال مع مواطن يشكو من سوء الخدمات المقدمة له ، وقدم صورة لتعامل بعض المسئولين مع بعض المواطنين ، مشهد جعل الناس تتساءل : هذا يحدث أمام الكاميرا .. إذاً ما الذي يحدث خلفها ؟!
ولكن كم هم اشباهه الذين لم يصل إليهم ضوء الكاميرا ، واريد ان اسألكم : كم من « الأمناء « - غير الأمناء - الذين تعج مناطقهم بالفساد وسوء الإدارة وتعج حساباتهم بالملايين التي لا يعلم - سوى الله - عن مصدرها .. ومع هذا هم بأمان ضد الحملات والضغط الشعبي .. والسبب : نجوا من « دقيقتين « على اليوتيوب !
ختاماً :
شكراً للإعلام الجديد .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store