Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

صفقة تبادل الأسرى و نهاية أوهام السلام

ثمة العديد من القراءات التي يمكن للعربي المهتم بشأن الأمة المسلمة و لأحداث المنطقة العربية و تطوراتها المتسارعة التي يمكن من خلالها قراءة صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس و الكيان الصهيوني بوساطة ألما

A A
ثمة العديد من القراءات التي يمكن للعربي المهتم بشأن الأمة المسلمة و لأحداث المنطقة العربية و تطوراتها المتسارعة التي يمكن من خلالها قراءة صفقة تبادل الأسرى بين حركة حماس و الكيان الصهيوني بوساطة ألمانية تركية مصرية قطرية مشكورة يوم الثلاثاء الماضي 20/11/1432 هـ تبوأت مصر من خلالها مكانة الصدارة الإقليمية اللائقة التي طال غيابها ، أطلق من خلال الصفقة ألف أسير فلسطيني و نيف ( 477 كدفعة أولى ) و البقية 550 خلال الشهرين القادمين في مقابل إطلاق سراح جندي إسرائيلي واحد هو جلعاد شاليط الذي أسرته حركة حماس المقاومة للإحتلال في عملية نوعية عام 2006 م.
من تلك القراءات هو ما ولدته الصفقة على أهميتها من مشاعر مختلطة في قلوب الفلسطينيين خصوصاً و أبناء المنطقة العربية عموماً ، مشاعر الفرح من جهة بإطلاق الأسرى الفلسطينيين لا سيما النساء ، و بعد أن قضى البعض منهم زهرة شبابه في السجون الإسرائيلية و مشاعر الأسى من جهة أخرى للدركات التي هوت إليها قيمة العربي في عالم اليوم بحيث يقايض العدو الصهيوني ألف عربي و مسلم و نيف البعض منهم قيادي كبير في قومه مقابل أسير إسرائيلي واحد لا تتعدى مرتبته مرتبة جندي بسيط في الجيش الإسرائيلي.
من القراءات المهمة أيضاً أنه لا يصح في النهاية إلا الصحيح ، فإسرائيل على رغم كل تعنتها و صلفها لم تجد مناصاً و لا بداً في نهاية المطاف من التفاوض المباشر لإتمام الصفقة مع الجهة التي تمتلك القوة على أرض الواقع لفك أسر أسيرها و هي حركة حماس و الرضوخ لكثير من شروطها و املاءاتها على الرغم من كل التلميع الإعلامي لأشخاص و جهات أخرى في السابق. و في الصفقة اعتراف إسرائيلي صريح بإخفاق الإستخبارات الإسرائيلية في التعرف على مكان أسر شاليط و إلا لقامت القوات الإسرائيلية بإنقاذه بالقوة من أيدي الفلسطينيين فإختلال ميزان القوة بين الطرفين في غنى عن التفصيل. بالطبع و كما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شخصياً فإن الصفقة تنم عن واقع جديد في المنطقة جاء كنتيجة للثورات العربية عموماً و المصرية منها على وجه التحديد ..واقع أملى على الإسرائيليين التعامل بواقعية أكبر مما مضى ابان انحياز النظام الحاكم المصري البائد و على عكس الفطرة إلى الكيان الصهيوني بدلاً من أبناء العقيدة الواحدة و اللغة و التاريخ المشترك.
لكن لعل القراءة الأهم هي هل ستجلب الصفقة معها نوعاً من الإنفراج للمنطقة و هل ستكون خطوة في طريق ما يعتقده البعض من سلام ممكن بين الدولة العبرية اليهودية و جوارها العربي الإسلامي ، أي هل ستكون الصفقة في ظل المتغيرات الجذرية في المنطقة ، تلك المتغيرات التي لا تتردد القيادات الإسرائيلية من التصريح بتداعياتها عليها ، هل ستكون الصفقة مؤشراً على دنو مرحلة السلام الموهوم ؟. المستقرئ لتاريخ الدولة العنصرية الصهيونية يعلم علم اليقين بأنها قد تأسست بناءً على المعتقدات التلمودية المزدرية للغير ، و لن تلبث إسرائيل حكومة و مستوطنين و بقية شعبها اليهودي أن تقوم خلال الأشهر القليلة القادمة بتأجيج القلاقل و الفتن في المنطقة و ربما إيقاد نيران الحروب كرد على شعور القيادات الإسرائيلية على مرارة الإذلال التي تجرعتها بسبب صفقة الأسرى ، و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store