Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سلطان بن عبد العزيز في نُزُل ربه

بعد عمر طويل أمضاه في خدمة بلده و مواطنيه ، و بعد صراع مع المرض ، انتقل سمو الأمير (الوالد) سلطان بن عبد العزيز إلى نُزُل ربه ، و أكرِم بها من نُزُل عند رب كريم سبحانه و تعالى.

A A
بعد عمر طويل أمضاه في خدمة بلده و مواطنيه ، و بعد صراع مع المرض ، انتقل سمو الأمير (الوالد) سلطان بن عبد العزيز إلى نُزُل ربه ، و أكرِم بها من نُزُل عند رب كريم سبحانه و تعالى. فيا رب أكرم نزله ووسع مدخله.
للأمير سلطان مواقف و أيادٍ بيضاء عديدة فاضت بها صفحات الصحف و ساعات الإذاعات و الفضائيات ، مما نقله وعبّر عنه الناس ، كبيرهم و صغيرهم ، ذكرهم و أنثاهم.
و سأذكر للأمير رحمه الله مواقف أعرفها و مررت بها تنبئ عن قيم رفيعة و معدن أصيل.
الموقف الأول حدث مع الوالد يرحمه الله عندما كان صاحب و رئيس تحرير صحيفة الندوة الغراء –أقال الله عثرتها- و حينها كتب مقالاً ينتقد فيه تفريط وزارة الصحة في أطبائها في مختلف التخصصات و تقديمهم هدية منها لملء الوظائف الشاغرة في ملاك وزارة الدفاع ، و كان هذا في أواخر عام 1382ه ، و هو ما دفع سمو الأمير الراحل رحمه الله باعتباره وزيراً للدفاع لإصدار أمر تجاه الوالد يرحمه الله يهدف من ورائه إطلاعه على أوضاع القواعد العسكرية و هي حينها في طور مبكر من مراحل البناء. و كان ذلك الجهد الذي بذله الوالد ثمنا دفعه لقاء ما كتب. و لكن انتهى الأمر إلى محبة و تقدير تجمع بينهما يرحمهما الله.
و قبل عدة سنوات ذكر لي أحد المسئولين في تبوك أن سمو الأمير ذكّرهم في إحدى زياراته التفقدية للقطاعات العسكرية بما كتبه الوالد ، و قد مضى على ذلك ما يزيد عن أربعة عقود ، و يبدو أن ذلك في سياق التذكير بصعوبات البدايات و كيف آلت إليه الأمور في القواعد العسكرية و مستشفيات القوات المسلحة من تطور ملحوظ.
و لكن ما شهدته و ما نقل إليّ عن علاقة المودة و الاحترام التي بين سمو الأمير و الوالد تُشير إلى أن سمو الأمير تبيّن له أن الوالد لم يكتب ما كتبه إلاّ لصالح عام لا يشوبه غرض ، و لذلك كان الوالد يحظى بالتقدير و الاحترام من سموه رحمهما الله ، و هو ما يذكرني بمقولة «أنتم خصوم شرفاء» التي قالها أحد الأمراء للوالد يرحمه الله بناء على مواقف جريدة الندوة الأخلاقية و انحيازها الدائم للمصلحة الوطنية.
و نقل إليّ أحدهم كيف لفت انتباهه احتفاء سمو الأمير بالوالد و تهلله عند لقائه ، و أذكر أنني استقبلت اتصالاً من مكتب سموه على منزل الوالد في الطائف في فترة النقاهة التي أعقبت عودته من رحلة علاجية أجرى خلالها عملية في القلب ، و بعد إنهاء المكالمة ذكر الوالد بأن سمو الأمير مع تبادل التحيات و التهنئة بالسلامة و نجاح العملية كان يعتذر لتأخره في الاتصال لأنه لم يعلم إلاّ متأخراً. و هذا في نظري غاية في اللطف و المحبة و التواضع.
و أذكر كذلك أنني عندما وضعت بين يدي سموه الكتاب الذي يحمل مذكرات الوالد (ذكريات و رحلات) في قصره بمكة المكرمة في شهر رمضان 1426هـ شكرني و قال لي أنه –يعني الكتاب- سيكون أنيسي في أوقات ما قبل النوم. رحمه الله رحمة الأبرار.
بقي لي أن أقول أن لسمو الأمير سلطان صاحب الوجه الطلق و الابتسامة الشهيرة فضلا عليّ و يداً بيضاء في موقف تعرضت له و نقله إليه معالي الدكتور محمد عبده يماني –و هو أيضاً صاحب فضل عليْ- يرحمهم الله جميعاً ، فأمر فوراً بما يفرّج ما أنا فيه. فجزاه الله عني خيراً و فرّج كربته ، و تغمده بواسع رحمته ، و ألهم محبيه و أهله و ذويه و الأسرة الملكية الكريمة و على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الصبر و السلوان ، و «إنا لله و إنا إليه راجعون».
و في الأيام الماضية فُجعنا أيضاً بفقد إخوة أعزاء هم الصحفي الأستاذ عدنان باديب وهو رجلٌ شهمٌ وفيْ ، فالوفاء لأساتذته و زملائه و أصدقائه من أبرز شيمه رحمه الله و أسكنه فسيح جناته و ألهم ذويه الصبر و السلوان. و كذلك فقدنا العمدة محمود بيطار عمدة الهجلة ، و هو أيضاً رجل و صاحب بصمات اجتماعية متميزة في مكة المكرمة ، و هو من أعاد (للعمودية) وهجها و بعضاً من أدوارها المفقودة في خدمة المجتمع ، فقد كان يتميز بالنشاط و التفاعل في العديد من المواقع ، رحمه الله و تغمده بواسع رحمته و كرمه ، و أكرم من تركهم خلفه جزاء حرصه و مداومته على إكرام أيتام مكة المكرمة.
رحم الله الجميع و رحمنا إذا صرنا مصيرهم و «إنا لله و إنا إليه راجعون».
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store