Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لماذا يستهدف حلف الأطلسي باكستان؟!

يشكل الهجوم الأمريكي السبت الماضي بالطائرات العمودية على مراكز متقدمة للجيش الباكستاني بالقرب من الحدود الباكستانية الأفغانية ونجم عنها مقتل 24 جنديًا باكستانيًا باغتهم الهجوم الجوي عن سابق عمد وإصرار

A A
يشكل الهجوم الأمريكي السبت الماضي بالطائرات العمودية على مراكز متقدمة للجيش الباكستاني بالقرب من الحدود الباكستانية الأفغانية ونجم عنها مقتل 24 جنديًا باكستانيًا باغتهم الهجوم الجوي عن سابق عمد وإصرار وهم آمنون، يشكل علامات استفهام كبرى في أذهان الباكستانيين وبقية العالم الإسلامي، فالجيش الباكستاني من المفترض فيه أنه حليف الولايات المتحدة الأهم في «الحرب الأمريكية على الإرهاب».
لعل من بين الجديد في الأمر «الصفاقة» الأطلسية في التعامل مع الحادثة، فقديمًا؛ أي في الحوادث المشابهة التي وقعت في الماضي القريب وأودت بحياة آلاف المواطنين الباكستانيين من مدنيين وعسكريين والتي كثيرًا ما كانت تنفذ بواسطة الطائرات غير المأهولة (بدون طيار) والتي يطلق عليها أحيانًا طائرات الموت غير المأهولة Killer Drones كانت كثيرًا ما تزعم القوات الأمريكية الأطلسية وقوعها بالخطأ ووقوع اللبس في شخصية الضحايا ثم تردف بتقديم الاعتذارات الباهتة التي يتم قبولها على مضض، أما هذه المرة فالهجوم كان متعمدًا بشكل واضح وصريح لدرجة أن الطائرات المهاجمة استمرت في توجيه ضرباتها لمدة ساعتين بعد الاتصالات التي أجراها قادة الجيش الباكستاني مع نظرائهم الأمريكيين مؤكدين أن الجهات المستهدفة تابعة للجيش الباكستاني، مما بعثر البقية الباقية من السيادة الوطنية الباكستانية على أراضيها في نظر الشعب الباكستاني وبقية شعوب العالم.
قد تبقى قائمة الدوافع الحقيقية الكامنة وراء الهجوم العدواني غامضة، لكن نتائج ذلك العدوان السافر لا غموض فيها فقد أدى الهجوم الغادر إلى تبني مواقف متباينة داخل المؤسسة العسكرية الباكستانية أدت إلى المزيد من الانقسامات في الجيش الباكستاني، وأدى إلى المزيد من الإضعاف بل والإذلال لحكومة زرداري والتحقير من دورها وتصويرها بصورة العاجزة عن حماية شعبها وعن الذود عن حياض الوطن، وصب في روافد منطق وآراء المعارضة الإسلامية في البلاد التي ترى أن الحكومة الباكستانية حكومة تابعة وعميلة للإدارة الأمريكية، وغني عن القول أن يُقال إن كل ذلك أدى إلى مزيد من الكراهية للسياسات الأمريكية وما تمثله من عدوانية على الشعب الباكستاني وبقية الشعوب المسلمة.
ردود فعل الحكومة الباكستانية اشتملت في محاولة يائسة لحفظ ماء الوجه على اتخاذ القرار بقطع خطوط إمدادات حلف الناتو إلى أفغانستان من خلال الأراضي الباكستانية، وهي تشكل نسبة 50% من الإمدادات الأطلسية بأفغانستان، كما طلبت من القوات الأمريكية إخلاء قاعدة «شمسي» الجوية خلال 15 يوم وهي قاعدة أنشأتها القوات الأمريكية بموافقة من الحكومة الباكستانية خصيصًا لتكون مركزًا لعمليات الطائرات غير المأهولة أو الطائرات الموجهة القاتلة كما مر معنا. وتقودنا هذه النتائج إلى أن من بين أهم دوافع الهجوم الغادر الاستفزاز الشامل للمجتمع الباكستاني بكل أطيافه بما في ذلك استفزاز الجيش والمعارضة ولحدٍّ ما الحكومة الباكستانية. كل ذلك يطرح تساؤلًا هامًا ألا وهو ما هو الهدف النهائي لحلف الناتو، إذا كان حلف الناتو كما هو واضح يحاول بفعلته الشنعاء المتعمدة تلك دق أسفين الخلافات بين مكونات المجتمع الباكستاني بهدف جره إلى حرب أهلية تأكل الأخضر واليابس في بلد لا ينقصه أصلًا الخلافات السياسية والكثير من البؤس المعيشي!.
لم يزل الهدف الأبعد للإدارات الأمريكية المتعاقبة في باكستان هو سلبها سلاحها النووي باعتباره السلاح النووي «الإسلامي» الأوحد وذلك بالطبع لصالح إسرائيل وحليفتها النووية العتيدة الهند اللتين تشتركان في العداوة المطلقة لباكستان المسلمة، لاسيما في ظل تجدد مخاوفهما من ربيع إسلامي كبير بعد ظهور براعم نجاح الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن، واحتمالية انتقال التقنيات النووية بين الربيعين العربي القائم والإسلامي المحتمل، والسيناريو الأكثر ترجيحًا للحيلولة دون ذلك وسلب باكستان من سلاحها النووي هو دفع باكستان للوقوع في فوضى حرب أهلية عارمة دفعًا يعترك فيها الكل مع الكل وتتمخض من بين ما تتمخض عنه عن تمكن «المتشددين» الإسلامييين من الاستيلاء على المرافق والأسلحة النووية في باكستان، مما يستلزم «ردة فعل» أطلسية في شكل هجمة عسكرية برية شاملة قد تم التخطيط لها بالفعل منذ بل من قبل أحداث 11 سبتمبر 2001م، وتجريد باكستان من قدراتها النووية، وتمزيقها إلى دويلات لا تقوم لها بعد ذلك قائمة. في ظل ذلك يمكن فهم العدوان الأمريكي الأطلسي الغادر وغير المنطقي على «حليف» جوهري في «الحرب على الإرهاب»، ويبدو أن المحاولة الأمركية الأطلسية قد باءت هذه المرة بالفشل، لكنها والهدف الأبعد منها هو تحقيق «المصالح» الإسرائيلية ولو على حساب المصالح الأمريكية ذاتها، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store