Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عودة جبرية لنفوس منكسرة !!

* اليوم الأربعاء تكمل كارثة سيول جدة شهرها الثاني..* ستون يوماً عاشتها 12 ألف أسرة بين الدموع والأسى، وصور الطوفان المرعب.. ومناظر الجثث الطافية.. وصدى صرخات الصغار.. وكوابيس الفاجعة التي أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية.!

A A
* اليوم الأربعاء تكمل كارثة سيول جدة شهرها الثاني..* ستون يوماً عاشتها 12 ألف أسرة بين الدموع والأسى، وصور الطوفان المرعب.. ومناظر الجثث الطافية.. وصدى صرخات الصغار.. وكوابيس الفاجعة التي أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية.!* اليوم ينفض سوق الفاجعة. ويسدل الستار على المشهد الأول من مسرحية الحزن والفساد، بعدما سئم الجميع من الدموع ومآقيها، وملّوا من قصص السيل الموجعة.. وحكايات المنازل المتصدعة.!* اليوم هو يوم الخلاص من عبء سكان المتضررة الجاثم على صدور لجان الكشف والحصر والإغاثة، التي طالما أساء بعض أعضائها للمتضررين، وعاملوهم بقسوة واستهتار وإذلال وغموض!* اليوم سيعود 70% من السكان إلى منازل تنعق فيها الغربان، وتحيطها مستنقعات راكدة تخطّت الشوارع إلى صالات المنازل.. اليوم تستقبلهم الأحياء بروائح الجيف والنفايات، وطنين الذباب والناموس، وسحابات الغبار المتطاير!اليوم ترفع وزارة المالية يدها التي كانت تربّت بها على صدور الأطفال وكبار السن بفتات من الدعم لا يتجاوز خمسين ريالا أسبوعيًا لكل شخص، ومع ذلك استكثروها وقرروا إيقافها عن كل من يعود. رغم أنهم عادوا معدمين بلا فراش، ولا زاد، ولا راحلة!اليوم على غير العادة سينشط رجال الدفاع المدني في انتشال المتباطئين والمتشبثين بالسكن المفروش. وستكون الاستجابة للبلاغ سريعة، وسيضحّون من أجل إخلاء المكلومين للعيش بين الأنقاض، وعلى الأرضيات المبللة بمياه السيول ودموع الثكالى.* اليوم يعود الناس وقد فقدوا كل شيء، ولم يعودوا يملكون من حطام الدنيا إلا النفوس المنكسرة والذكريات السوداء، وكمبيالات الديون والأقساط!.* يعودون وهم يطرحون تساؤلات عديدة عن مستقبلهم ومصير ممتلكاتهم وأرواحهم ومركباتهم وتعويضاتهم.؟. يتساءلون: ماذا يفعلون لو زارتهم رشّة مطر في ليل مظلم؟ وما هي أخبار الدراسات والسدود الاحترازية التي وُعدوا بها؟.يتساءلون عن الخدمات الصحية التي تجافي أحياءهم من زمن ولا زالت؟ يتساءلون عن العيادات النفسية المزعومة التي أعلن عن تكثيفها في أحيائهم لمساندتهم نفسيًا، وتهيئة أطفالهم ونسائهم لمواجهة صدمة العودة، واختبارات منتصف العام التي ستبدأ بعد غد في مدارسهم المشلولة؟يتساءلون عن فرق الرش والمبيدات التي ستواجه جيوش البعوض والحشرات والقوارض المنتشرة حولهم؟يتساءلون عن موعد رصف شوارعهم بعد أن تعرت طبقتها الأسفلتية، وتحولت إلى حفر وأخاديد ومصائد للعابرين والمركبات؟يتساءلون عن الساحات والحدائق والملاعب التي ستحتضن أطفالهم، وتساعدهم على نسيان الماضي الأليم، بعد أن أصبح الكثير منهم يرفض الاستحمام بعد أن كان يفرح بالمطر؟!يتساءلون: لماذا انسحبت العيادات التطوعية، وجمعية الهلال الأحمر، ومكاتب خدمات الأمانة، وشركة المياه، وبقية الجهات الحكومية؟ ولماذا توقفت الأعمال التطوعية؟يتساءلون: أين السلال الغذائية التي جُهزت من أجلهم وذهبت لغيرهم؟ يتساءلون: مَن سيقف معهم الآن، بعد توقف المالية عن صرف بدل الإعاشة؟ وبماذا ستمدهم الجمعيات الخيرية؟ ومتى ستشعر البنوك وبرامج المسؤولية الاجتماعية بعوزهم وحاجتهم؟ فأكثرهم أصبحوا تحت خط الفقر، وانتقلوا من مرحلة الكفاف إلى العدم؟!* يسألون وزير الصحة، ووزير الشؤون الاجتماعية، ووزير الشؤون البلدية والقروية، ووزير التعليم، ووزير المالية، وأمين جدة: هل سيزورون أحياءهم، ويطمئنون على الخدمات المقدمة لهم، أم أنهم سينتظرون كارثة أكبر تستوجب حضورهم؟* أسئلة يطرحها السكان، في نظري أنها مشروعة ومنطقية جداً، تحكي عن واقع الحال. إلا إذا كانت هناك أقوال أخرى لجهات الاختصاص، أو إجابات شافية نتمنى معرفتها لطمأنة الخائفين، وجبر خواطر المكسورين لعل وعسى أن تخفف المصاب، وتضمد الجراح، وتتلافى ما يمكن تلافيه!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store