Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

قراءة في تصريحات الفيصل

صرح صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في كلمة له أمام منتدى «الخليج و العالم» في الرياض الاثنين الماضي بالتالي :( فشلت جهودنا وجهود العالم

A A
صرح صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في كلمة له أمام منتدى «الخليج و العالم» في الرياض الاثنين الماضي بالتالي :( فشلت جهودنا وجهود العالم في إقناع إسرائيل بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل وكذلك بالنسبة لتسلح إيران بنفس الأسلحة ، فلا بد لنا ، بل من واجبنا ، تجاه أوطاننا وشعوبنا أن ننظر في جميع الخيارات المتاحة ومن ضمنها حيازتنا لتلك الأسلحة.) و تكتسب تصريحات الفيصل الذي كان يرأس جهاز الإستخبارات السعودية سابقاً أهمية بالغة كونها أول تصريحات رسـمية أو شبه رسمية تعرب فيها المملكة العربية السعودية بوضوح و جلاء كاملين تامين عن نيتها حيازة السلاح النووي تصحيحاً لاختلال معادلة الردع النووي الاستراتيجي غير المتوازنة في المنطقة.
و قد لقيت تصريحات الفيصل صدىً واسعاً في الأوساط الشعبية و كذلك في أوساط النخب الفكرية في المملكة و في دول مجلس التعاون الخليجي على حد ٍ سواء ، و نظرت إليها الأكثرية الكاثرة كبارقة أمل لتحقيق تطلعات و طموحات أمنية استراتيجية طال انتظارها ، في ظل ازدياد المخاطر النووية في المنطقة و في العالم و اتساع دوائرها و دخول العالم في سباق تسلح لأجيال جديدة من الأسلحة النووية التكتيكية و الاستراتيجية و أجيال بالغة التطور من الصواريخ البالستية التي كان من آخرها ما أعلنه الرئيس الروسي «ميدفيديف» من تأهب روسيا لنشر أحدث طرازات صواريخها البالستية إسكندر-كي المزود بتقنيات جديدة قادرة حسب تصريح «ميدفيديف» نفسه على اختراق كل دفاعات مظلة الصواريخ الأمريكية المضادة للصواريخ البالستية في أوربا و لعشرات السنوات القادمة ، و تبقى المواصفات التقنية للمنظومة الروسية الجديدة سراً طي الكتمان.
شخصياً أفهم تصريحات سمو الأمير تركي عن هذا العزم السعودي الأكيد في امتلاك السلاح النووي ، و هو أكيد لأن كلا من إسرائيل و إيران يصران على مواقفهما و لا يتركان للمملكة خياراً سوى المركب الصعب ، افهم تلك التصريحات بأن حيازة المملكة للسلاح النووي لن تمس من سلمية البرنامج النووي السعودي لتوليد الطاقة المتمثل في جهود مدينة الملك عبد الله للطاقة النووية و المتجددة ، و الذي ستبني المملكة من خلاله 16 مفاعلاً نووياً لأهداف توليد الطاقة ، فالفهم بان المملكة تنوي الدمج بين المسارين فهم خاطئ لان الدمج بين المسارين يحمل مخاطر لا تخفى على كل ذي بصيرة .
و ربما عبرت تصريحات سمو الأمير عن اهتمام حديث للمملكة في حيازة السلاح النووي رداً على البرنامج النووي الإيراني الذي تدعي إيران سلميته ، لكن نظرة تاريخية خاطفة تنم عن أن إهتمام المملكة بحيازة السلاح النووي بحكم وجود التهديد النووي الإستراتيجي الإسرائيلي أيضاً في المنطقة و بحكم حدود المملكة المترامية الأطراف و ثرواتها الهائلة التي حباها الله فجعلتها محل أطماع الأخرين ، إضافة إلى قلة عدد السكان النسبية لهذه البلاد التي حباها الله بكل هذا الزخم من الثروات الدفينة في الرمال قديم و يعود تاريخه العملي بالتحديد لثمانينات القرن الميلادي الماضي ، حيث قامت المملكة في ذلك التاريخ بشراء ما لايقل عن 50 صاروخاً من صواريخ الـ CSS-2 البالستية الصينية الصنع من ذات المحركات التي تعمل بالدفع بالوقود السائل ( تقنية قديمة نسبياً ) و يتعدى مداها 2,800 كم و تستطيع حمل رؤوس تقليدية و الأهم من ذلك قدرة الصاروخ على حمل رأس نووي واحد زنة 2,150 كغم ، و ظلت التخرصات منذ ذلك التاريخ هل ُزودت صواريخ CSS-2 التي أشترتها السعودية و تحتفظ بها في قاعدة السليل العسكرية على بعد 500 كم من الرياض برؤوس نووية أم لا ، و هل إن السعودية دولة نووية غير معلنة أم لا.
و في كتابه المنشور ذاتياً باسم «الوطني الذي ضاع» يذكر المؤلف رجل الإستخبارات الأمريكية السابق «جونثان شيريك» بأن الصين قد باعت للمملكة نظام صواريخ بالستية يحمل رؤوساً نووية ذات الدفع الصاروخي بالوقود الصلب ( تقنية حديثة ) على المفتاح ، و أكبر الظن أن « شيريك» يشير دون أن يصرح علانية إلى نظام CSS-5 بديلاً عن نظام الـ CSS-2 في ديسمبر 2003 م ، و تم تركيب النظام الصاروخي الجديد بهدوء تام منذ ذلك التاريخ و على مدى عدة سنوات. و بغض النظر عن صحة رواية «جونثان شيريك» بتزويد النظام البالستي للسعودية برؤوس نووية أم لا ، فإن ذلك على إفتراض صحته حق من حقوق المملكة في الدفاع عن نفسها سواءً أكان ذلك بنوع من غض الطرف من قبل الإدارة الأمريكية كما زعم « شيريك» في كتابه أم برفض منها.
خلاصة القول فأن المملكة العربية السعودية في سعيها للدفاع المشروع عن نفسها قد حازت من الصين كلا من الصاروخين CSS-2 و صاروخ CSS-5 الصينيين في ثمانينات القرن الماضي و بدايات القرن الحالي دون أن تزودهما البلاد الصانعة (الصين ) بالرؤوس النووية ، و أن مزاعم نووية المملكة حالياً لا تزيد عن كونها من قبيل التهويل اليهودي و الإستخباراتي الأمريكي ، و مع ذلك فقد آن آوانها ، و يحسن أن نستشهد هنا بالنص الذي صرح به سمو الأمير تركي الفيصل ( فلا بد لنا ، بل من واجبنا ، تجاه أوطاننا وشعوبنا أن ننظر في جميع الخيارات المتاحة ومن ضمنها حيازتنا لتلك الأسلحة ) سواءً أكان ذلك شراءً من الصين أو روسيا أو بإحتمال أقل من الباكستان ،
و إذا لم يكن غير الأسنة مركباً .... فما حيلة المضطر إلا ركوبها.
بل و تنفيذاً لقوله تعالى ( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ) ...
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store