Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بالبطاقة!!

في البداية ..

A A

في البداية .. اسمحوا لي أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من عادني أو اطمأن على صحتي بعد الوعكة الصحية التي تَعرّضتُ لها في الأيام الماضية، وكم هو جميل أن يشعر المرء بأنه محبوب في المجتمع الذي يعيش فيه.
يشيب شعر الرأس ويتفطّر الفؤاد وتدمع العينان من تلك المناظر المأساوية التي يشاهدها الزائر في مراكز الـتأهيل، فكم من حيّ ينتظر الموت، وكم من قلب ينبض ودماغ متوقف، وكم من جسد يعيش بلا حراك بعيداً عن مؤشرات الحياة.
كم من أجساد مقوّسة وكم من عظام متيبّسة، كم من عضلات مضمورة وكم من أعصاب ميتة، كم من آهات مكتومة وكم من صرخات مسموعة، وكم من عيون باكية تحكي قصص المعاناة الأزلية.
لكن المشهد لا يتوقف عند جسد ميت، ولا يقتصر على أشكال مشوّهة، ولا ينحصر في حالات الشلل الدماغي والجسدي والإعاقات المتعددة، لكنه يتعدى ذلك ليصل إلى ما هو أعمق من ذلك بكثير في محيط الغصّة والألم.
نعم .. هذه هي الحقيقة، فأنا أتحدث عن معاقين لم يروا والديهم منذ عقد أو عقدين، فقد اكتفى ذلك الأب وسلّمت تلك الأم؛ التي تخلّت عن رحمة قلبها الربانية، لتأتي هذه الأسرة وتطرح بطفلها المعاق في ذلك المركز، ليتخلصوا من (العار) الذي سببه لهم هذا المعاق، وكأنه قطعة من الفضلات تم التخلص منها في سلة المهملات!!.
لا أستطيع أن أخفي ألمي وأنا أتحدث عن أسر تعيش حتى اليوم الجاهلية الأولى، فتقتل طفلها المعاق نفسياً وروحياً ومعنوياً، رغم أنه حي يرزق، وأنا هنا لا أتحدث فقط عن المعاقين المهملين في مراكز التأهيل، لكنني أتحدث عن المعاقين الذين لا ينتمون إلى أسرهم إلا بالبطاقة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store