Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عندما (يشتهي) الغرب !!

كنت في الولايات المتحدة عندما ضرب الزلزال المدمر جزيرة هيتي، فأحال معظم أجزاء عاصمتها (بورت دو برنس) إلى ركام هائل وحطام مفزع، بما في ذلك مقر إقامة رئيسها الذي تحول من قصر مشيد إلى مبنى منهار بالكامل، مما حرم الرئيس من دار يقيم فيها، فظل لساعات طويلة من المشردين الذين تجاوز عددهم مئات الألوف، لا دار ولا مأوى، ولا غذاء ولا ماء.

A A
كنت في الولايات المتحدة عندما ضرب الزلزال المدمر جزيرة هيتي، فأحال معظم أجزاء عاصمتها (بورت دو برنس) إلى ركام هائل وحطام مفزع، بما في ذلك مقر إقامة رئيسها الذي تحول من قصر مشيد إلى مبنى منهار بالكامل، مما حرم الرئيس من دار يقيم فيها، فظل لساعات طويلة من المشردين الذين تجاوز عددهم مئات الألوف، لا دار ولا مأوى، ولا غذاء ولا ماء. هكذا غيرت الهزة الأرضية التي استمرت 35 ثانية فقط جغرافية المنطقة فنقلتها من مأهولة إلى موبوءة تبوء بجثث عشرات الآلاف من الضحايا الذين قضوا تحت الركام، ومنهم تلاميذ المدارس ومرضى المستشفيات. ولم (تقصّر) محطات التلفزة الأمريكية وعلى رأسها س. إن. إن وفوكس في النقل المباشر للأحداث المروعة التي لم يشهد نصف الكرة الشمالي لها مثيلا في التاريخ الحديث. لن أتوسع في شرح المأساة الهائلة، لكن لا بد من الإشارة إلى حجم التكاتف الذي أبدته الولايات المتحدة مع تداعيات الكارثة خاصة على المستوى الشعبي الذي فاق التوقعات، وساهم في ذلك بالطبع تركيز نشرات الأخبار على الأحداث هناك، وبروز الجمعيات والمنظمات الخيرية، وحتى محطات التلفزة خصص بعضها آليات للتبرع النقدي المباشر لضحايا الكارثة. ومع كل الصعوبات التي رافقت عمليات نقل المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية والأدوية والضمادات الطبية، فقد بذلت الأجهزة المختصة في الولايات المتحدة قصارى جهدها لإصلاح المدرجات ومرافق المطار وغيرها من الضروريات اللازمة لاستقبال المساعدات العاجلة.باختصار عندما «يشتهي» الغرب شيئاً (إنسانيا)، فهو لا يتوانى عن السعي إلى تحقيقه عبر كل الوسائل الممكنة، في حين عجزنا نحن العرب عن فعل شيء لغزة الجريحة، بل ربما ساهم البعض في حصارها والتضييق عليها دون رحمة، فويل لهم مما فعلت أيديهم وويل لهم مما يكسبون. وحتى المساجد والمراكز الإسلامية في الولايات المتحدة ساهمت بدورها في جمع التبرعات لضحايا (هيتي) وهو جهد مشكور وفهم متطور للمعاني الإنسانية الواسعة التي تشمل المسلم وغير المسلم. وللعلم، فهذه المراكز والمساجد محظور عليها جمع التبرعات لضحايا غزة لأنها حسب المفهوم (الأمريكي) المنحاز ستذهب إلى حماس (الإرهابية).
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store