Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تنظيمات سوق العمالة المنزلية

لا أعرف إلى متى ستظل الإدارة الحكومية عندنا تتسم بالبطء في اتخاذ القرارات ، و تجميل هذا البطء بمسميات جميلة مثل التريث ، و الدراسة المتأنية ، و عدم التسرع ، و ما إلى ذلك بينما الواقع أن هناك فرصاً

A A

لا أعرف إلى متى ستظل الإدارة الحكومية عندنا تتسم بالبطء في اتخاذ القرارات ، و تجميل هذا البطء بمسميات جميلة مثل التريث ، و الدراسة المتأنية ، و عدم التسرع ، و ما إلى ذلك بينما الواقع أن هناك فرصاً ضائعة للتطوير ، و آثاراً سلبية على حياة الناس و إضراراً بالمجتمع. فغالب مشاريع الأنظمة و تعديلاتها و الدراسات التي تقوم بها لجان وشعب الخبراء تستغرق سنوات عديدة ، و بعضها يمتد لعقود.
من هذه الأنظمة -و هو موضوع مقال اليوم- ما يتعلق بتنظيمات العمالة المنزلية ، و التي تتضمن عدة أنظمة ، منها نظام منح التأشيرات و رسومها ، و نظام الهروب الذي لا يتضمن أي ضمانات أو تعويضات لخسائر المواطنين ، بل على العكس فهو يتضمن إلزاماً للمواطنين بدفع تكاليف إعادة ترحيل الهاربين من العمالة و تكاليف رسوم التأشيرة البديلة ، و نظام الوساطة في توفير العمالة ، الذي أعلن عنه معالي الدكتور غازي القصيبي رحمه الله بعد توليه وزارة العمل في عام 1425هـ ، و ظل الأمر يراوح كل هذه السنوات الثمانية و لم يصدر التصريح لأوائل الشركات إلاّ قبل أسبوعين ، و لا ندري متى يبدأ عملها الفعلي. وخلال هذه السنوات و ما قبلها كان الخلل واضحاً في هذه السوق ، و هذا الخلل أدى إلى أضرار كبيرة بالمواطنين وبالاقتصاد ، و إلى استمراء العمالة لعملية الهروب لعدم وجود رادع ، بل و تشجيع القادمين الجدد من أبناء جلدتهم على الهروب ، و قيام بعضهم بأعمال الوساطة لتقديم خدماتهم للمواطنين مقابل عمولات ، و من جهة أخرى أدى هذا الخلل إلى عدم تعاون المواطنين بعدم تشغيل العمالة الهاربة لشعورهم بالغبن من جهة ومن تكاليف و أعباء استقدام العمالة و ترحيلها.
هناك من يطالب بإعادة إجراءات تقييد حركة العمالة بين المدن ، و إلى تكثيف حملات التفتيش في الطرقات خصوصاً للسائقين و مطابقة اسم الكفيل مع اسم مالك السيارة ، و فرض ضمانات من أجل تعويض المواطنين ، و غير ذلك من الإجراءات للحد من الهروب ، و الحد من خسائر المواطنين.
بينما في رأيي أن الحل يكمن في تسريع إصدار و تنفيذ حزمة من الأنظمة التي تضبط هذا السوق و أعني تحديداً سوق العمالة المنزلية ، التي تسحب البساط من تحت أقدام العمالة غير الملتزمة بالأنظمة و التي غالت كثيراً في ابتزاز الأسر ، و فرضت الشروط التي رفضتها وزارة العمل عندما طالبت بها إحدى الدول الآسيوية ، مثل عدد أفراد الأسرة و عنوان المنزل ، و تحديد ساعات العمل ، و الإجازة الأسبوعية.
إن توافر شركات الوساطة بأعداد كافية لإحداث منافسة و ابتكار في تقديم خدماتها و ليس كما هو معلن أنها ستكون ثلاث شركات (محتكرة) ، و عدم التقتير عليها بالترخيص لها بتشغيل أعداد تواكب حاجة المجتمع بكل فعالياته -أسر ومؤسسات- ، سوف يسهم في علاج مشكلة العمالة المنزلية ، و خفض تكاليفها الاقتصادية و أعبائها الاجتماعية ، و الأهم في تغيير سلوكياتنا في استخدام العمالة المنزلية ، ففي حال توفر شركات لتوفير العمالة وتقديم خدماتها بنظام الدوام الجزئي (الساعة و اليوم) فإننا سوف نخفض عدد العمالة التي نحتاجها بنسب معتبرة ، لأن هناك أسراً صغيرة مكونة من زوجين فقط أو زوجين و طفل أو طفلين ، هذه الأسر لن تحتاج لخدمات العمالة المنزلية على مدار الأيام و الليالي ، و قد تكون الحاجة إلى يومين أو ثلاثة في الأسبوع ، و الأسر الأكبر من ذلك سوف تكتفي بعاملة واحدة دائمة ، و التي أكبر قليلاً تضيف إلى العاملة الدائمة واحدة بنظام الدوام الجزئي وهكذا ، و هناك أيضاً الفنادق و قصور الأفراح التي لا تحتاج العاملات إلاّ في نهايات الأسبوع و في الإجازات وهي الفترات التي يستغني فيها عدد معتبر من الأسر عن خدمات العاملات بسبب السفر أو الانتقال من مدينة لأخرى. هناك أفكار عديدة لتنظيم العمالة المنزلية ، و ستتولد أفكار أخرى جراء تنفيذ التنظيمات و الأفكار الجديدة. المهم أن نبدأ و أنا متأكد أن سلوكيات بعضنا التي تتسم بالفوقية و الاتكالية الكاملة على العمالة المنزلية سوف تتغير أيضاً بالتدريج نتيجة للحصول على خدماتها بنظام الدوام الجزئي.
و الله ولي التوفيق للجميع.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store