Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

استقبالات الطوارئ في مستشفياتنا

تعاني أقسام الطوارئ بمستشفياتنا من كثرة المراجعين لها، واستقبالها لكمٍّ هائل من الحالات الحرجة والطارئة التي تحتاج إلى علاجات سريعة وبدون تأخير، وقد يتعرض الفرد، أو أحد أفراد أسرته لعارض صحي، أو حادث،

A A
تعاني أقسام الطوارئ بمستشفياتنا من كثرة المراجعين لها، واستقبالها لكمٍّ هائل من الحالات الحرجة والطارئة التي تحتاج إلى علاجات سريعة وبدون تأخير، وقد يتعرض الفرد، أو أحد أفراد أسرته لعارض صحي، أو حادث، فيتجه للطوارئ لتلقِّي العلاج اللازم، ومن ثَمَّ يُحوّل إلى أقسام المستشفى لمتابعة العلاج، أو التنويم، أو الخروج. وعند زيارة أي قسم طوارئ في أي مستشفى سوف تشاهد أعدادًا كبيرة من البشر مكدّسة في كل مكان، وتنتظر دورها لأخذ العلاج، وقد يطول انتظارها لساعات مع المعاناة من الألم، وقد يكون الأمر حرجًا ولا ينتظر التأخير.
إن الوضع في العديد من أقسام الطوارئ بمستشفياتنا يحتاج إلى اهتمام أكثر، وذلك للعجز الواضح في عدد الأسرّة، وقلة أعداد الأطباء الذين يباشرون الحالات، ومحدودية كادر التمريض الذي يقوم بمهام متابعة حالات المرضى، والضغط الكبير على المختبر خاصة في الفترة المسائية، مما يتطلب الانتظار لفترات طويلة حتى تظهر النتائج، وحتى يقرر الطبيب العلاج المناسب للمريض.
إن محدودية أقسام الطوارئ في مدينة مليونية مثل مدينة جدة (أربعة ملايين نسمة)، أوجد الكثير من المنغّصات التي يمر بها الزائر لهذه الأقسام، خاصة المرتبطة بالمستشفيات الرئيسة مثل: مستشفى الملك فهد العام، ومستشفى الملك عبدالعزيز جنوب جدة (وهذان المستشفيان بالذات يعانيان الأمرّين لأنهما يستقبلان معظم حالات حوادث السير وإصاباتها في داخل المحافظة ومن خارجها)، وطوارئ مستشفى جامعة الملك عبدالعزيز، ومستشفى الملك فهد للقوات المسلحة، ومستشفى مدينة الملك عبدالعزيز الطبية (الحرس الوطني)، ومستشفى الملك فيصل التخصصي، وغيرها من المستشفيات الحكومية والخاصة، التي لم تعد تستوعب هذا الكم الهائل من المراجعين لها، كما أن أقسام الطوارئ في هذه المستشفيات الكبرى تعمل بطاقاتها القصوى، وبكل إمكاناتها المتاحة، بل إنها تبذل قصارى جهدها في تقديم خدماتها للمراجعين لها، ولكن يكمن القصور -كما ذكرت آنفًا- في قلة الإمكانات والكوادر الطبية لمواجهة الأعداد الكبيرة، وبذلك لا يتم تقديم الخدمة المأمولة للمريض لما تعانيه من كثرة المترددين عليها.
وحلًا لهذا الإشكال القائم، هل يمكن لوزارة الصحة التي تعمل جاهدة في تقديم أفضل الخدمات الصحية لسكان هذا الوطن، أن تفعّل دور مراكز الرعاية الصحية الأولية، والتي أُنشئت أصلا من أجل هذا الغرض، وتحوّلها إلى أقسام طوارئ تستقبل الحالات العاجلة، وتُقدِّم لها العلاج اللازم، ومن ثَمَّ (إذا لزم الأمر) تحويلها للمستشفى المُناسب؟ هل يمكن تطوير أداء مراكز الرعاية الصحية الأولية، والعناية بها، وتحسين أداء خدماتها، وتوفير كادر طبي متكامل لها، مع وفرة الخدمات المساندة من أشعة، ومختبر، وأجهزة، بحيث تُقدِّم خدماتها على أكمل وجه، خاصة في الأحياء الفقيرة والمكتظة بالسكان، بدلًا من وضعها الحالي المتردي حتى أصبح الناس في عزوف عنها لأن خدماتها قاصرة؟!
إن استخدام مراكز الرعاية الصحية الأولية كأقسام طوارئ -بعد إعادة تأهيلها- قد يحل المشكلة، ويُخفِّف الضغط عن المستشفيات الكبرى التي تُعاني من كثرة مرتاديها، ولاسيما أن الوزارة تسعى جاهدة في استكمال مشاريع مستشفياتها في شرقي جدة وشماليها، كما أن هذه المراكز حكومية وتقدم الخدمة مجانًا للفقراء وذوي الدخل المحدود، لأن طوارئ العديد من المستشفيات الخاصة باهظة التكاليف، ومرهقة لكاهل المواطنين، ولا يقدر على دفع تكاليفها السواد الأعظم من الناس.
إذن لماذا لا تقوم الوزارة مشكورة بالنهوض بمراكز الرعاية الصحية الأولية، وتطويرها، والتوسع فيها، لاسيما أنها تملك العديد منها على مستوى المحافظة كلها، وبذلك يمكن أن تقدم خدماتها لمعظم الأحياء في مدينة جدة، وتكون سندًا مساعدًا لطوارئ المستشفيات الكبرى التي تتكدس من كثرة المراجعين؟!
نحن في حاجة ماسة إلى مزيد من أطباء الطوارئ، كما نطمح في زيادة عدد المبتعثين السعوديين في هذا التخصص بالذات، وبقية التخصصات الطبية، لأن العجز في الكوادر الطبية كبير، ويحتاج إلى سنوات عديدة لتعويض هذا النقص، ولكن بعزيمة الرجال المخلصين في الوزارة، يمكن أن يتحقق هذا المطلب، لاسيما وأن مخصصات وزارة الصحة في ميزانية الخير لهذا العام كبيرة جدًا، ويمكن من خلالها تحقيق طموحات المواطنين وتخفيف معاناتهم مع المرض.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة