Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جدة.. وتحدياتها مع المياه

يقولون جدة أم الرخا والشدة، جميلة ورائعة وعطاءاتها لا تنتهي، وأزماتها مع عنصر الحياة يتأرجح بين الوفرة والندرة، فمعاناتها مع مياه الشرب ليست وليدة اليوم أو الأمس بل إنها أزلية وقديمة قدم هذه المدينة ا

A A
يقولون جدة أم الرخا والشدة، جميلة ورائعة وعطاءاتها لا تنتهي، وأزماتها مع عنصر الحياة يتأرجح بين الوفرة والندرة، فمعاناتها مع مياه الشرب ليست وليدة اليوم أو الأمس بل إنها أزلية وقديمة قدم هذه المدينة الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، فمنذ نشأتها منذ آلاف السنين وهي تعاني من شح المياه العذبة، حيث أنها نشأت على شاطئ البحر الأحمر، عند التقاء مخارج عدة أودية تزودها بكميات شحيحة من المياه، أو يعتمد سكانهاعلى الأمطار القليلة التي تسقط على مدار العام. وكانت أعداد سكانها في تلك السنين الغابرة محدودة للغاية، وكانت مصادر مياههم للشرب تعتمد بشكل رئيس على ما يجمعونه من مياه الأمطار الساقطة على منازلهم عن طريق الحصاد، حيث تتجمع مياه الأمطار في الأسطح، ومن ثم تنساب إلى صهاريج أو برك داخل المنزل معدة لذلك تجمع فيها مياه الأمطار ليستفاد منها معظم أيام السنة.
لقد أهتم ملوك هذه البلاد منذ دخول الملك عبد العزيز – رحمه الله - للحجاز بموضوع المياه، خاصة مياه الشرب، وتوفيرها للسكان مهما بلغت التكاليف، وبعد أن لاحظ الملك المؤسس - رحمه الله - معاناة أهالي جدة مع الماء، أمر بالكنداسة لتوفير المياه العذبة للمواطنين والمقيمين والقادمين إليها من كل مكان، ثم أمر رحمه الله بالبحث عن مصادر غنية بالمياه لسد احتياجات السكان، وبذلك أجرى العين العزيزية التي خدمت جدة ردحاً من الزمن، ثم جاء عهد الفيصل - رحمه الله - ليبدأ عصر التحلية الذي واكبه زيادة كبيرة في أعداد السكان، وبدأت بوادر النهضة الشاملة التي عمت البلاد، مع الزيادات السكانية الكبيرة، ومع توسع النطاق العمراني لمدينة جدة، أصبحت التحلية عاجزة عن تلبية الاحتياجات، فتم التوجه لمياه خليص لتساند التحلية والعزيزية في تغطية العجز.
تجاوزت جدة أزمتها في ذلك الحين بوجود مياه التحلية مع العين العزيزية ومشروع مياه خليص، ولكن مع بدايات الطفرة وشدة الطلب على الماء مع ( الزيادات السكانية الكبيرة)، حتى وصلت أعدادهم اليوم إلى قرابة (4 ملايين نسمة)، من غير المتخلفين ومجهولي الهوية، ومما زاد في تفاقم مشكلة العجز المائي: جفاف عيون وادي فاطمة المورد الرئيس للعين العزيزية، وجفاف عيون وادي خليص، مع انتهاء العمر الافتراضي لمحطة التحلية داخل المدينة، مما دعا الدولة لإنشاء محطة الشعيبة لتغطية العجز الصادر عن قصور هذه المصادر الرئيسة، كما أن الشعيبة نفسها بدأت تئن من شدة الطلب، حيث إنها تعمل بكامل طاقتها وتخدم: جدة، ومكة المكرمة، والطائف، وفي العام القادم سوف يوجه جزء منها للباحة.
ألا تستحق مدينة جدة بوضعها الحالي محطة تحلية رديفة للمحطتين آنفتي الذكر؟ أما آن الأوان أن نفكر جدياً في إيجاد البدائل، وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال في الاستثمار في الماء؟ أليس من الأفضل وضع خطة وطنية حقيقية للمياه بحيث يفعل دورها في ترشيد الاستهلاك، مع وضع معايير مقننة لاستخدامات المياه في مجالاتها الحضرية المختلفة؟ وأخيرا كيف نستثمر الأموال الطائلة التي رصدتها الدولة ( مليارات الريالات) لمشاريع المياه والاستفادة منها، وتوجيهها لخدمة المواطن والمقيم في هذا البلد الناهض تنموياً والذي يطمح في الاستفادة من كل قطرة ماء سواء من مصادرها التقليدية أو البديلة، بحيث توجه للسكان واحتياجاتهم الحضرية المتنامية بشكل مضطرد في هذا البلد الصحراوي الجاف؟.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة