Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

البوْن لازال يتسع يا قوم ..فمتى نقلّصه ؟

كلما سافرت للغرب (العالم الأول) خصوصاً في رحلات العمل أعود مشغولاً بالتفكير في المسافة التي تفصلنا عنهم.

A A
كلما سافرت للغرب (العالم الأول) خصوصاً في رحلات العمل أعود مشغولاً بالتفكير في المسافة التي تفصلنا عنهم.
وقد كنت خلال الأسبوع الماضي في رحلة إلى مدينة دوسولدورف بألمانيا لحضور أكبر معارض الطباعة على مستوى العالم و هو يُعقد كل أربع سنوات ، و أحرص على حضور كل دورة من دوراته لأنه في الغالب يتم فيه عرض أحدث ما تم التوصل إليه في مجال صناعة الطباعة من آلات و تقنيات. و قد كانت النقلة الجديدة في هذا المعرض هي تقنية طباعة النانوجرافي Nanographic Printing و هي تقنية طباعية تحاول أن تجمع ما بين أداء طباعة الأوفست Offset (جودة وسرعة) و إبداعات الطباعة الرقمية. وقد قام على تطويرها عالم إسرائيلي اسمه Benny Landa و هو نفسه من قام عام 1993م بتطوير نوعي للطباعة الرقمية.
ما علينا من هذه المصطلحات المتخصصة ، و إنما المهم هو أن القوم في العالم الأول المتقدم لازالوا يتقدمون ويثابرون ويحثّون الخطى إلى الأمام، وفيما يبدو بفعل محركات دفع ذاتية و محفزات تدفعهم إلى المزيد من العمل الجاد و المنظم على كل المستويات ، ليحققوا المزيد من الإنجازات و التقدم من أجل حياة أفضل لهم و للبشرية جمعاء، و أماأمة العرب فغارقون في خلافاتهم ، و سادرون في غيهم و تسلطهم و تشرذمهم ، و في نفس الوقت تتوق نفوسهم إلى التقدم وإلى العالم الأول ولكن دون عمل جاد يمكنهم من اللحاق به.
و أنا على ثقة بأن الكثير من علمائنا و طلابنا يلمسون ما ألمسه خلال دراساتهم و مشاركاتهم و حضورهم المؤتمرات التي تُعقد في مجالات تخصصاتهم. و قد لمسته في مجال التخصص في إدارة الأعمال ، إذ في الوقت الذي أكاد أعجز فيه عن أن أجد بحثاً علمياً أو دراسة تطبيقية حديثة في المواقع المتخصصة على شبكة الانترنت بما في ذلك مواقع الجامعات باللغة العربية فإنني أجد المئات منها باللغة الإنجليزية و لو تم توسيع المدى الزمني أو الموضوعي للبحث فسأجد الآلاف و عشرات الآلاف من الأبحاث و الدراسات و المقالات العلمية و الكتب التي تشتمل على ما أبحث عنه.
إن أمام العرب طريقاً طويلاً و جهداً كبيراً و إرادة جادة و عزيمة قوية و إصلاحات جذرية و حقيقية إن هم أرادوا أن يقلصوا البوْن الذي يفصلهم عن القوم في العالم الأول.
إصلاحات لا تستثني شيئاً ، سياسية وتعليمية و اجتماعية وثقافية واقتصادية..
إصلاحات سياسية تفسح المجال الواسع للمشاركة في صنع و اتخاذ القرار، و تنمية و تطوير المجتمع، إصلاحات تمكّن للقوي الأمين و تقمع الفساد و المفسدين ، و تحمي حقوق الإنسان و حرياته في التعبير و التعلم.
إصلاحات تعليمية تجعل الأجيال قادرة على التفكير و الإبداع مملوءة بالتفاؤل و روح المبادرة.
إصلاحات اجتماعية تفسح المجال لطاقات المجتمع أن تنطلق و تعمل في أجواء صحية بعيدة عن ممارسات الوصاية التي تفرضها بيروقراطية بعض الجهات الحكومية ، و الخوف الذي تفرضه الهواجس على الكثير من الفعاليات.
إصلاحات ثقافية تقدّس العمل والانتاج و الاتقان و تؤمن بالاختلاف و بتعددية الآراء و الأفكار و المدارس الفكرية ، إصلاحات تحتفي بقيم الحوار و احترام الآخر.
إصلاحات اقتصادية تحد من غلواء الرأسمالية و الرأسماليين و تُفسح المجال لتمدد الطبقة الوسطى (المنتجة) في المجتمع ، إصلاحات تحارب الفقر وتعمل على إزالة أسبابه ..
في عالمنا العربي نعيش ربيعاً عربياً يتضمن جملة من الإصلاحات ، بعضها فرضته ثورات الشعوب و بعضها بادرت إليه بعض الأنظمة ، و بعضها للأسف لازال ينتظر ، و الأمل أن يُزهر هذا الربيع و يُثمر حرية و عدالة و تقدّما و لحمة و توحدا يجمع طاقات الشعوب العربية و يوحّدها في اتجاه الوصول إلى العالم الأول حيث العلم و الابداع و الحرية و العدالة و القوة و المنعة السيادة و الرفاه.
فاكس 5450077-02 Email:
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store