Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

نمطٌ صَعْبٌ.. نمطٌ مخيفٌ!!

نمطٌ صَعْبٌ.. نمطٌ مخيفٌ!!

أتَاحتْ لي الدِّراساتُ الجامعيةُ العُليا أن أستكشفَ مدى تهافت ما نصنعه في علم المعرفة، أو عالم الفكر بمعزل عن آليّات المنهج العلمي.

A A

أتَاحتْ لي الدِّراساتُ الجامعيةُ العُليا أن أستكشفَ مدى تهافت ما نصنعه في علم المعرفة، أو عالم الفكر بمعزل عن آليّات المنهج العلمي.
كنتُ أسمعُ كثيرًا باسم العلاَّمة محمود أحمد شاكر -رحمه الله-، وكنت أقرأ له كثيرًا من كُتُبِه وتحقيقاته الرَّصينة، ورحم اللهُ أستاذي المفكر الإسلاميّ الكبير إبراهيم المطعني، الذي أشار عليَّ في وقتٍ باكرٍ بالاطِّلاع على كِتاب (دلائل الإعجاز) للشّيخ عبدالقاهر الجرجاني -رحمه الله-، الذي حقَّقه واعتنى به الشيخ محمود شاكر.
تدور الأيام دورتها؛ وأغيب كثيرًا عن الشيخ شاكر حتَّى أرشدني صاحب الخلق الرَّفيع الأستاذ الدكتور محمد أبو نبوت على كتاب دون أن يشير إلى فحواه، حيث يشي عنوانه إلى تلك اللغة المعبّرة عن واقع حال الكتاب؛ واسمه (نمطٌ صعبٌ.. نمطٌ مخيفٌ)!!، لصاحبي القديم محمود شاكر.
وجدتُ نسختين فقط؛ في إحدى المكتبات المهتمَّة بهكذا كُتب، وذلك بعد بحثٍ مضنٍ ليومين متتاليين فمن مكتبة إلى أخرى، ومن شارع إلى آخر حتى عثرت على (نمط صعب.. ونمط مخيف)!!
اشتريتُ نسخةً واحدةً كي أدع الفرصة لغيري لشراء الثَّانية، فمن العبث أنْ اشتري نسختين دون حجّة مقنعة، أو علّة معقولة؛ ولكنَّني ندمتُ بعض الشيء على ذلك؛ لأنَّني رغبتُ بعد أن قرأته أن أهدي النَّسخة الثَّانية لأحد الوثيرين إلى نفسي؛ فالكتاب قمينٌ بالإهداء؛ لأنَّ نسختي الخاصّة مليئةٌ بالتَّعليقات والإشارات، وبعض الشَّخبطات، كما أننَّي أؤمن أنَّ الكتابَ المقروءَ جزءٌ من روح القارئ، فهي روح أخرى تُضاف إلى روح الكاتب الأصل!!
الكتابُ في حدود 445 صفحة، كلّ صفحةٍ من صفحاته -دون مبالغة- تُسطَّر بماء الذَّهب، وتنعقد حول الأعناق، وتتزيّن بها الرِّقاب!
لن أتجاوز هذا الوصف؛ حتَّى لا أحرقَ سطورَ مقالتي للأسبوع المقبل -إن شاء الله-؛ لأنَّني سأحاول مجرد محاولة، أن أقف على بعضٍ ممّا قاله.
فهناك ممّن نظنّهم من الكذَّابين في تراثنا العربي، فإذا بالشّيخ شاكر يُصحّح المسار، فيثني عليهم بالدّليل والبرهان، ويصفهم بالصّدق، وحسن النّية، نظير ما قدَّموه لنا من ثمين كاد أن يطوى أو يندثر، في مقابل سخطه وسخريته ممّن نحسبهم من الموثوق بهم، وإذا بهم في عِداد العابثين، فيما يصطنعون المعرفة وهم الجَهلة في بعض الأبواب.
فالرّاوية المعروف خلف الأحمر سيحضر معنا، والمرزوقي سيرافقنا في أكثر من موضع، وابن هشام سيتوسَّده القول، وكذا الحال مع تأبّط شرًا، وابن اخته، وابن دريد، وابن عبد ربه، وأبو الفرج الأصفهاني، وابن قتيبة، وطه حسين، والشّاعر الألماني الشهير جوته، وكذا معه زمْرة من المستشرقين، كـ(جورج فريتاج)، و(سير تشارلز لايل)، و(نيكلسن).
يقول أبو العلاء المعري:
أنا أعمى، فكيف أًهدي إلى المنهج، والنَّاس عُميان؟
والعصا للضَّرير خَيْرٌ من القائدِ فيه الفُجُور والعيضان!
وإلى لقاء مع نمط صعب.. نمط مخيف!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store