Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

متى نشهد الحلقة الأخيرة من مسلسل هروب الخادمات؟!

حلقات مسلسل هروب الخادمات تجاوزت في أعدادها حلقات المسلسلات اليابانية التي تُعد بالمئات، ويبدو أن المسلسل بدون نهاية.

A A
حلقات مسلسل هروب الخادمات تجاوزت في أعدادها حلقات المسلسلات اليابانية التي تُعد بالمئات، ويبدو أن المسلسل بدون نهاية.
وفي تصوري أن السبب في ذلك سوء إدارة سوق عمل الخادمات وتراخٍ من بعض الجهات، مما أدى إلى تفاقم مشكلة الهروب وترجيحها لصالح الخادمات، وهذا لا ينفي مشاركة جانب المواطنين في ذلك ولكن ذلك وفقًا لقاعدة 80- 20، بمعنى أن 80% من المشكلة بسبب الأنظمة والتعليمات والإجراءات الرسمية و20% بسبب عدم تعاون المواطنين مع انخفاض هذه النسبة الأخيرة بمرور الوقت.
فإن نظرنا لقاعدة العرض والطلب في سوق عمل الخادمات فسنجد أن الطلب يفوق العرض، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأجور بشكل كبير، وهنا المسؤولية تقع على الأنظمة وليس المواطن.
فالطلب على العاملات المنزليات لا يقتصر على خدمة المنازل، بل يتسع للخدمات في قصور الأفراح والفنادق وحاليًا المطاعم، وكذلك خدمات النظافة في مساكن الحجاج في المشاعر المقدسة.
وإذا نظرنا إلى الموسمية في حجم الطلب في هذا السوق سنجد أن هناك مواسم وأوقات ذروة للطلب وأوقات انخفاض، حتى مستوى أيام الأسبوع ومواسم الأفراح ورمضان والحج، وهذا أيضًا يقع تحت مسؤولية الأنظمة وليس المواطن، أو بمعنى آخر أن معالجة ومراجعة تنظيمات استقدام وتشغيل العمالة المنزلية هي من مسؤولية الجهات الرسمية وليس المواطن.
إذا نظرنا إلى تكاليف الاستقدام والهروب أيضًا -التي تترتب بناءً على الأنظمة والتعليمات-، وتكاليف تشغيل الهاربات سنجد أن تشغيل الهاربات أقل كلفة، وبالتالي فإن مسؤولية التحفيز على تشغيل الهاربات تقع على الأنظمة وليس المواطن.
الأمان من المحاسبة وسهولة حركة تشغيل الهاربات وتحت أنظار الجميع هو مسؤولية الأنظمة والتعليمات وليس المواطن، بل إن جانب التضييق والمحاسبة يميل ضد المواطنين أكثر من الهاربات.
وكنت قد كتبت عدة مرات حول هذا الموضوع آخرها قبل أربعة أشهر وقلت: إن الحل يكمن في تسريع إصدار وتنفيذ حزمة من الأنظمة التي تضبط سوق العمالة المنزلية، وتسحب البساط من تحت أقدام العمالة غير الملتزمة بالأنظمة والتي غالت كثيرًا في ابتزاز الأسر، ومن ذلك توافر شركات الوساطة بأعداد كافية لإحداث منافسة وابتكار في تقديم خدماتها، وعدم التقتير عليها بالترخيص لها بتشغيل أعداد تواكب حاجة المجتمع -أسر ومؤسسات-، وأن ذلك سوف يسهم في علاج مشكلة العمالة المنزلية، وخفض تكاليفها الاقتصادية وأعبائها الاجتماعية، والأهم في تغيير سلوكياتنا في استخدام العمالة المنزلية، ففي حال توفر شركات لتوفير العمالة وتقديم خدماتها بنظام الدوام الجزئي فإننا سوف نخفض عدد العمالة التي نحتاجها بنسب معتبرة.
ووجدت في أرشيفي مقالًا نُشر في عام 1426هـ بعنوان: (حوافز نظامية لهروب الخادمات) قلت فيه: إنه مادام هناك شعور عام لدى الهاربين والهاربات بالاطمئنان والأمان، وبل والرعاية أحيانًا من بعض أفراد بعض الجهات المعنية بتطبيق الأنظمة في البلاد، فلا غرابة أن تنمو المشكلة وتتفاقم. وقلت إن هناك اتهامات جاهزة للمواطن الذي يقوم -مضطرًا- لتشغيل هذه العمالة بعدم الوطنية، في الوقت الذي نجد فيه أن الكثير من الممارسات والإجراءات من الجهات ذات العلاقة بهذه المشكلة يمكن اعتبارها محفزات لتنامي المشكلة، ذكرت منها:
• طول إجراءات الإبلاغ عن حالات الهروب نسبيًا.
• خلو هذه المخالفة من أي عقوبة تجاه الهارب. بل على العكس فإن العقوبة تقع على المواطن.
• انخفاض تكاليف تشغيل الهاربات عن تكاليف المستقدمات من الخارج.
وتساءلت في آخر المقال أين نحن سائرون، وإلى متى سيستمر إفساد أخلاق وسلوك أفراد المجتمع بإجبارهم على تطبيع المخالفات، بسبب أنظمة لا تراعي المنطق ولا المعقول؟!
واليوم أتساءل وبعد ست سنوات إلى متى سيظل مسلسل هروب الخادمات دون حلول جذرية ويظل المواطن مهضوم الحقوق مرتين، مرة في حال التزم بالأنظمة ليذوق الأمرين، ومرة في حال دفعه إلى مخالفة الأنظمة والتأثير على أخلاقياته. والله المستعان.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store