Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تُرى أي مصير ينتظر فتاة القصيم؟

كم أكبر القرار الحكيم لفضيلة الشيخ إبراهيم العمر قاضي محكمة بريدة العام بتخصص ‏جلسة خاصة في الخامس عشر من شهر ربيع الأول المقبل، للتأكد من رضا طفلة القصيم ‏بتزويج أبيها لها من الرجل الثمانيني لسداد ديونه الذي أقرت به في الجلسة الأخيرة للتأكد من ‏أنَّ موافقتها على الزواج كانت برضاها ولم تمارس ضدها أي ضغوط»، تمهيداً لإصدار صك ‏

A A
كم أكبر القرار الحكيم لفضيلة الشيخ إبراهيم العمر قاضي محكمة بريدة العام بتخصص ‏جلسة خاصة في الخامس عشر من شهر ربيع الأول المقبل، للتأكد من رضا طفلة القصيم ‏بتزويج أبيها لها من الرجل الثمانيني لسداد ديونه الذي أقرت به في الجلسة الأخيرة للتأكد من ‏أنَّ موافقتها على الزواج كانت برضاها ولم تمارس ضدها أي ضغوط»، تمهيداً لإصدار صك ‏الإصلاح في القضية المبني على تنازل أطرافها.‏‏ وكم أود أن تكون الجلسة الخاصة بدون حضور الأب والزوج، وتكون بحضور الأم ووكيلها ‏الشرعي والمحامييْن الموكليْن من قبل هيئة حقوق الإنسان، وجمعية مودة، مع توفير الحماية ‏للطفلة من قبل القاضي من أبيها وزوجها إن تكلمت، وقالت بحقيقة ما تعرَّضت له، وما ‏ستتعرَّض له إن قالت بالحقيقة.‏‏فهذه الطفلة سبق وأن غرَّر بها أبوها لتوافق على الزواج من الرجل الثمانيني لكونه ‏سيعطيها جوَّالاً، وسيدعها تزور أمها، ووافقت الطفلة، وهي لا تدرك أبعاد هذه الموافقة ‏ونتائجها، ولكن الزوج لم يبر بوعده، فالأم لم تر ابنتها إلاَّ ساعة الجلسة فقط، وهي لا تعلم ‏عنها شيئاً بعد ذلك، ولا توجد أية وسيلة اتصال بينها، وبين ابنتها، ممَّا يؤكد أنَّ شيئاً ما مبيَّت ‏لهذه الطفلة المسكينة،فلو كان الزوج حسن النية لمَ لا يوصلها بأمها؟‏وقد يغرر بها الزوج قبل الجلسة الخاصة بأن يشتري لها ملابس ولعباً، ويعدها ببعض ‏الوعود لتقول أمامكم أنَّها موافقة بمحض إرادتها، ولم تتعرض لأية ضغوط، وبعد الجلسة ‏وإصدار الصك يعمل بها ما شاء، ولا توجد وسيلة اتصال بها لمعرفة أحوالها، فإن كانت أمها ‏ومحاميْها لم يتمكنوا من الاتصال بها والتحدث إليها، فهل بعد إصدار صك الصلح ستكون ‏هناك وسيلة اتصال بها للتعرف على أحوالها والاطمئنان عليها؟‏ كما أناشد القاضي أن يحولها للكشف الطبي للتأكد من عدم تعرضها لإيذاء بدني، فهي في ‏الغالب لن تتكلم من شدة خوفها .‏‏ثم هل زواج طفلة ابنة الاثنتي عشرة سنة من رجل ثمانيني يحقق مقاصد الإسلام من ‏الزواج؟ ‏وما هو بنيان الأسرة الذي سيقوم على هذا الزواج، أب كهل هرِم، وأم طفلة؟؟؟هل هذا هو بناء الأسرة المسلمة؟‏ وأساساً هل يقبل عقد زواج طفلة لموافقتها، في وقت لا يُقبل عقد بيعها، أو شرائها؟وعقد الزواج أطلق عليه الخالق جل شأنه بِالميثاق الغليظ في قوله تعالى في الآية (21) من ‏سورة النساء :{ وأخذن منكم ميثاقا غليظا} ‏وكيف لا يقبل طلب الزوجة البالغة الرشيدة فسخ عقد زواجها لهجر أو تعليق، أولتعاطيه ‏المخدرات والمسكرات، وتهديده لها بالقتل، وضربها ضرباًً مبرحاً مسبباً لها بعض العاهات ‏،مع إحضارها لتقارير طبية تثبت إيذاء زوجها لها،ومع هذا نجد بعض القضاة يرفضون فسخ ‏عقد الزواج،ويقولون لها خالعيه بعد مضي سنين على طلب فسخ عقد الزواج، وتُطالب بدفع ‏ما دفع لها من مهر، وهي فقيرة مدقعة والضرر واقع عليها، بينما يقبل عقد زواج طفلة من ‏مسن لقولها إنَّها موافقة، وإبقاء عقد زواجها لمجرد قولها إني موافقة بكامل إرادتي على هذا ‏الزواج براً بوالدي، ولم أتعرض لضغوط أو تهديد من أبي، أو زوجي؟؟؟ ‏‏ وإن قيل إنَّ زواج الصغيرة جائز لقوله تعالى في الآية الرابعة من سورة النساء {وَاَللَّائِي ‏يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيض مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْن} ؛إذ فسر بعض ‏المفسرين مثل الطبري وابن كثير { واللائي لم يحضن } بالصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض ‏،مع أنَّ الآية خاصة بالنساء، وليس الطفلات، فلو كان المقصود بالصغيرات لجاء قوله تعالى ‏‏( والأطفال اللائي لم يحضن )، فكلمة طفل وردت في القرآن، وأطلقها جل شأنه حتى على ‏الذي بلغ الحلم، وذلك في الآية (59) من سورة النور {‏‎ ‎وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ‏فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم} ‏والطِّفْل والطِّفْلة في اللغة : الصغيران، والجمع أطفال، وقال أبوالهيثم : الصبي يُدعى طفلاً ‏حتى يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم، والعرب تقول جارية طِفلة، وطفلٌ، وجاريتان طِفلٌ ‏،ويقال طفل وطِفْلة، وطِفلان، وأطفال، وطفلتان، وطفلات في القياس، ويكون الطِّفل واحداً ‏وجمعاً مثل الجُنب، والطفل الصغير من أولاد الناس والدواب،والطفلة : الحديثة السن . [ ابن ‏منظور :لسان العرب، بتصرف مادة طفل 11،/ 401، 402،404]‏فلنقرأ الآية معاً : { واللائي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيض مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر ‏وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْن}، فهناك نساء لا يحضن لعلة فيهن إلى أن يمتن،ومنهن من يتأخر حيضهن ‏إلى بعد سن الثمانية عشر، وهذا معروف طبياً، ونجد القرطبي في تفسيره لهذه الآية يقول : ‏‏» وأمّا من تأخر حيضها لمرض، فقال مالك وابن القاسم وعبد الله بن أصبغ : تعتد تسعة أشهر ‏،ثم ثلاثة، وقال أشهب : هي كالمرضع بعد الفطام بالحيض، أو بالسنة، وقد طلَّق حيَّان بن ‏منقذ امرأته وهي ترضع فمكثت سنة لا تحيض لأجل الرضاع « [ القرطبي :الجامع لأحكام ‏القرآن، 9/153]، وقال أيضاً :» ولو تأخر حيضها لغير مرض ولا رضاع فإنّها تنتظر سنة ‏لا حيض فيها تسعة أشهر، ثم ثلاثة، على ما ذكرناه فتحِل ما لم تَرْتَب بحمْل.»‏ويفسر الإمام فخر الدين الرازي هذه الآية بقوله :» أي هي بمنزلة الكبيرة التي قد يئست عدتها ‏ثلاثة أشهر.»[ التفسير الكبير :10/563]، كما يفسرها البيضاوي بقوله : « أي واللائي لم ‏يحضن بعد كذلك «، ولم يحددهن بالصغيرات، أو بمن لم يبلغن سن الحيض، بينما نجد الإمام ‏الشوكاني في تفسيره لم يفسر {واللائي لم يحضن } ولم أجد في كتاب الطلاق في صحيح ‏البخاري حديثاً يفسر { واللائي لم يحضن}‏‏ وهكذا نجد أنَّ قوله تعالى : { وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيض مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة ‏أَشْهُر وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْن}لا تعني البتة عدة المطلقات الصغيرات اللائي لم يحضن، فهذا ‏المعنى يتعارض مع قوله تعالى في الآية السادسة من سورة النساء { وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا ‏بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا } فبلغوا النكاح تعني ‏بلوغهم السن الذي يؤهلهم للزواج، ويؤكد هذا قوله تعالى { فإن آنستم منهم رُشداً فادفعوا إليهم ‏أموالهم } فإن كان اليتامى لا تدفع لهم أموالهم حتى يبلغوا سن الرشد فمن باب أولى ألاَّ ‏يُزوَّجوا حتى يبلغوا سن الرشد، فلستُ أدري على أي أساس بنى أولئك جواز زواج ‏الطفلات؟؟؟‏ ونجدهم يستدلون بزواج الصغيرات، بل حتى الرضيعات بما أورده الإمام السرخسي في ‏المبسوط ( باب نكاح الصغير والصغيرة)، والإمام السرخسي ذكر مرويات لم يوضح مدى ‏صحة سندها، بل أجده استدل بأحاديث لا أساس لها، كقوله : «ما قال صلوات الله عليه ‏تأخذون ثلثي دينكم من عائشة» ولا يوجد حديث بهذا المعنى، والشائع قوله صلى الله عليه ‏وسلم ( خذوا نصف دينكم من هذه الحُميراء ) وثبت ضعفه.وإباحة زواج الرضيعات يتعارض ‏مع قوله تعالى في الآية السادسة من سورة النساء السابق ذكرها . إنَّ مصير هذه الطفلة أمانة ‏في عنق فضيلة القاضي، وأنا واثقة من عدالته.‏
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store