Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كلام عجيب حول رسالة أديب

كلام عجيب حول رسالة أديب

أحيانًا، لابُد أن يُعطي القَلَم مسَاحة لتَعبير الآخرين؛ ونَشر إبدَاعَاتهم وبَوحهم ومَشَاعرهم؛ تجَاه هَذا الشَّيء أو ذَاك، وبَين يَديَّ رسَالة أدبيّة تَفيضُ عذُوبة ورَونقًا، مِن رَجُلٍ لا أعرفه ولا

A A

أحيانًا، لابُد أن يُعطي القَلَم مسَاحة لتَعبير الآخرين؛ ونَشر إبدَاعَاتهم وبَوحهم ومَشَاعرهم؛ تجَاه هَذا الشَّيء أو ذَاك، وبَين يَديَّ رسَالة أدبيّة تَفيضُ عذُوبة ورَونقًا، مِن رَجُلٍ لا أعرفه ولا يَعرفني، بل أرسَلَهَا لِي عَبر الإيميل، فاستأذنتُه بنَشرها؛ حتَّى يَتذوّقها الآخرون كَما تَذوّقتها، وهَا هو الأديب «عبدالرحمن لبان» مِن مَدينة «يَنبع الصّناعيّة» يَقول في رسَالته: بَادئة، وتَوطئة، وتَساؤل يا صَديقي: مِن أين غذَّيتَ هَذا الفِكر وانسيَابيّة العِبَارَات؟! كُنتُ أرَى أنِّي أحد الأوصيَاء عَلى لُغة الضَّاد، وأفضَل اللاعبين في مَيَادِينها، ولَكنِّي تَوقَّفتُ عَن الرّكض حِين اصطدمتُ بقَلمك..!
لقد اقتحمتَ عَالَمِي، واستنطَقتَ لسَانًا كَادت العاميّة أن تُخرسه، فلكَ منِّي كُلّ الشُّكر..! الشّعر كَان بدَاية تَعلُّقي بالعَربيّة، ثُمَّ ابتليتُ بمَقالاتك، فأسَرَتْنِي وطَوّقتني، فمَا أحسن انفكَاكًا يَا صَديقي..! هُناك أقلام هَرمت وهي في ريعَان الشَّباب، لأنَّها ارتَضَت التَّنازُل والانحنَاء، والابتذَال أحيَانًا..! لَستُ عَرَّافًا أو كَاهِنًا، فالغَيب عِلْمَه عِند خَالق الجِن والإنس سُبحانه، ولَكنِّي أرَى أنَّ سَلامة لُغتك واعتزَازك ببيَان القُرآن سيُتوّجانك -ولسنواتٍ قَادِمة- رُبَّان لسَفينة الضَّاد، فأبْحَر بِنَا وبِهَا دُون كَلَل أو مَلَل، واحْذَر فُجَاءة البَحر، حتَّى لا يُصيبَك مَا أصَاب التَّايتانك..! كَان شَوقي -رَحمه الله- في الشّعر طَبيبًا، يَتعَاطَى مَع مُحبِّيه بجُرعاتٍ مِن إبدَاعه، فيُخدّرهم؛ فلا يَستطيعون حرَاكًا، إلَّا أنَّه كَبَا كَبوة حِين بُشِّر بغُلامٍ فقَال:
صَار شَوقي أبَا عَلي
في الزَّمَان التَّرلَّلي
لعلَّها عَاطفة الأبوّة سَبقت عَبقرية الإبدَاع، لأنِّي مَا وَجدتُ مَعنَى للتَّرلَّلي، وقَد سَبقه شَاغل الدُّنيا، وفَارس الميَادين، وشَاعر المَلايين، «أحمد بن الحسين الجعفي»، ونَبَا قَلمه حِين قَال:
فقلقلت بالهمِّ الذي قَلقل الحشَا
قَلاقل عيس كُلّهنَّ قَلاقل
لَكن «المُتنبِّي وشَوقي»؛ سيّدا القَوافي وأميرَا البيَان، لأنَّكَ مَتى تَتصفَّح بَدائع الأدب؛ وبغية أهل الأرب، حَللتَ ضَيفًا عَلى إبدَاعهما وسَبقهما، أمَّا إن افتَقدتهما تَملَّكك الشَّك، ورَاودتك عَن نَفسك وسَاوس الانصرَاف..! أمَّا أنَا، فمَا استقَام لي بَعد جَذبٍ وجَبذ إلَّا بَيتان مِن الشّعر، وأحسبهما طفلين مَا بَلغَا، فلا تُنكر عَليَّ تَشبّثي بهمَا، واعتزَازي بأبوّتهمَا:
عُذرًا إذَا أثقلتُ بالشِّعرِ
وأنختُ رحلي في رُبَى الفِكر
أنَا قَد فُتنتُ بكُلِّ قَافيةٍ
فكأنَّها الحَسنَاء في الخدرِ
وفي النّهايَة.. لَكَ الودّ وصَادق الامتنَان..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: في الآونَة الأخيرَة يَنتَشر سلُوكٌ غَير سَليم؛ بَين بَعض الكُتَّاب، بحيثُ لا يَستحسنون نَشر رسَائل القُرَّاء، التي يَبدو فِيهَا المَديح، ومِثل هَذا الرَّفض يَدخل في بَاب التَّواضُع غَير المُستَحَب، فمِن حَقّ الكَاتِب أن يَنشر مَا يَصل إليهِ، سَوَاء كَان مَدحًا أو قَدحًا، ومِن بَاب هَذه الرّؤية نَشرتُ الرِّسالة؛ ضَاربًا عَرض الحَائِط برَأي كُلّ مَن يُخالف أو يَنتقد..!!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store