حنان الترك .. وسياط القلوب

للإمام ابن الجوزي - رحمه الله- كتاب جميل أسماه "سياط القلوب"، مستخدماً فيه أثر السياط التي غالباً ما تقرن بضرب الأبدان، إلى ضرب القلوب هذه المرة. وكأنه يريد الحديث عن إحداث هزة تحرك القلوب، ولربما يكون وقع الضرب على القلب مستمراً، حتى (يفوق) العقل، ويستيقظ الضمير.ما فعلته الفنانة الشهيرة (حنان الترك) في مقطع مختصر، شاهدته في الفيس بوك من برنامج اسمه (أنا والعسل)، كان المثال على سياط ابن الجوزي.استطاعت الفنانة (حنان) أن تجيب في سبع دقائق عن الحجاب، وقالت مالم تقله عشرات كتب الحجاب المعاصرة، وأنا صاحب كتاب (فقه العلاقة بين الرجل والمرأة) الذي عدت فيه لمئات المصادر والمراجع.بطبيعة الحال لا أقلل من قيمة الكتب، ولكنني لا أريد في المقابل أن أقلل من حركة الضمير التي تفوق ربما حركة القلم في الإقناع.بعيداً عن التأكيد على فرضية الحجاب التي لا يجادل فيها مسلم عاقل، وهو ما أكدته الفنانة (حنان) إلاَّ أنها دخلت هذه المرة في أعماق تجربة، محللة واقعها جيداً، مستوعبة ما يدور في خلد الكثير من الفنانات، وفوق ذلك شعورها مع الله، وإحساسها بمدى صدق علاقتها بمن خلقها وفرض عليها ما تسعد به.أخشى أن يكون كلامي هنا بعيداً عن روحانيتها هناك، ولكنني أحاول أن أرسم لوحة فنية تحرك القلب على الأقل.لقد عبَّرت الفنانة (حنان) عن الحجاب بأنه شيء أتاها ممن تحب وهو الله سبحانه وتعالى.وأنها حينما كانت تمثل بعد الحجاب، كان (جوَّاها) -حسب تعبيرها- يقول لا تلمسي أحداً، ولا يقرب منك أحد من الرجال غير المحارم، لأن الحجاب ليس مجرد قطعة، بل هو أمر من الله الذي في طاعته بحب وقناعة، كل السعادة والرضا والعطاء.إن استطاعة الإنسان أن يَصْدُق مع نفسه، ويتلقى الأوامر الشرعية بحب ومكاشفة، هو السر الذي يجعل لكلامه أثراً، ولأفعاله عمقاً في وجدان من يحيط به، رغم كل العوائق والموانع والمغريات التي تصده عن مسيرة الخير.إنني أهنئ الفنانة (حنان) بهذه المصداقية العالية، والشفافية التي تحمل مقادير من الود والرحمة بالناس، والوصول إلى مستوى يحيل العلاقة مع الله من مجرد تلقي أوامر، إلى قناعة ومحبة ورضا وأنس، تزيح كل علائق القلق والضبابية والازدواجية والتناقض في حياة المسلم.