Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

شكراً .. فراس بقنة

فيما عدا ( خواطر ) الشقيري و(ميلاد ) العودة لم تشدّني أي شاشة قناة فضائيّة في رمضان هذا العام ، حتى برامج الحِوارات واللقاءات الثقافية أو « اللّقافيّة « تكاد تكون على كثرتها برنامجاً واحداً ..

A A

فيما عدا ( خواطر ) الشقيري و(ميلاد ) العودة لم تشدّني أي شاشة قناة فضائيّة في رمضان هذا العام ، حتى برامج الحِوارات واللقاءات الثقافية أو « اللّقافيّة « تكاد تكون على كثرتها برنامجاً واحداً .. تشابهت من حيث طريقة الحوار وأسلوبه الأشبه بتحقيق ووقعت في فخّ تكرار الوجوه ؛ المُهِم لذلك وجرّاء ذلك اتّجَهْت إلى الشاشة الصغيرة « اليوتيوب « .. الشّاشة الأكثر حُريّة وفي الآونة الأخيرة : الأكثر ثراءً ، هناك شباب يعملون بصمت ، جيل جديد نَشِط وَوَاعٍ مُواكب لتغيّرات العصر تكنلوجيّاً .. بل وقبل ذلك فِكْريّاً ، لا يضعونك أمام شاشةٍ تتثاءب ولا أعمال وأفكار مكرورة ، رغم أنّ الأغلب منهم اتّجه إلى النّقد السّاخر كُلاًّ بطريقته .. وقضايانا للأمانة لا تنفع معها المعالجة الجادّة ولا الطَّرح الجاد ، لا ينفع ولا يُجدي معها إلاّ أنْ « تضحك لها ومنها وعليها ومعها « ، رغم ذلك لفت انتباهي وشدّني أكثر .. برنامجٌ ليس من هذا النوع ذو فكرةٍ شيّقة وشُغلٍ واعٍ منذُ حلقته الأولى ، اسم البرنامج « يومك معي « يقدّمه الرائع : فراس بقنة ، والذي حاولت الاتصال به قبل الكتابة عنه وعن برنامجه لأعرف بعض خبايا وتفاصيل العمل لكنّي للأسف لم أتمكّن من ذلك ،
فكرة العمل تدور حول تَقَمُّص دور حالة من الحالات وذلك خلال فترةٍ قد تمتدّ إلى يومٍ كامل ، ليس كمعايشة فقط بل حياة كاملة ونابضة بكلّ تفاصيلها ومحاصيلها وعراقيلها ، أثناء ذلك تتحوّل عدسة الكاميرا إلى ( ضمير ) ، والسيناريو إلى ( روح ) ، والمواقف العابرة إلى ( نفس أمّارة بالخير والإنسانيّة والإحساس بالآخر ) ، كانت الحلقة الأولى بعنوان : عامل نظافة ، والثانية : متسوّل ، والثالثة : فشل كلوي ، والرابعة : أعمى ، والخامسة : مُعاق حركي .. في كل حالة من هذه الحالات كان هذا الولد المجنون يتقمّص الدور ويخرج لممارسة حياته / حياة الآخر .. بدءاً من النوم في سكن عمّال النظافة إلى تناول الإفطار معهم ومن ثمّ الخروج بمكنسته لتنظيف الشارع ! في «الأعمى» وَضَعَ شريطاً لاصقاً على عينيه منذ المساء ليصحو صباحاً ويبدأ حياة الأعمى كما هي وليس مجرّد كلامٍ واعظٍ يدخل مع أذن ويخرج مع أذن ، في حلقة الفشل الكلوي وصل الأمر إلى أن يتمدّد على السرير ويجري غسيلاً كلويّاً ، وكذا في بقيّة الحلقات ، مُثْرياً كل حلقة بقيمةٍ إنسانيّة عظيمة .. وموضّحاً تلك الأشياء التي لا يُمكن أن ينتبه لها أو يشعُر بها من لم يَعِش الدور أبداً ، يفعل كُلّ ذلك بحكمةٍ وَجِيهَة وَوَجاهَةٍ حكيمة ؛ لن أُطيل عليكم في خانة البحث في اليوتيوب اكتبوا « يومك معي / فِراس بقنة « أجزم بأنّكم ستصفّقون بعقولكم وقلوبكم .. قبل أن تُصفّقوا بكفوفكم .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store