Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

فتاة الخطيئة والأعراف المجتمعية القاسية (3/3)

لقد شغلني كثيراً موضوع جنوح الفتيات ومواقف الاهالي منهن، فشرعت افتش في موروثنا الشرعي العظيم فوقفت على حديث دائما ما تقرؤوه، ونسمعه ونردده ولكننا لم نفقه ابعاده الاسرية والاجتماعية والنفسية والانسانية.

A A
لقد شغلني كثيراً موضوع جنوح الفتيات ومواقف الاهالي منهن، فشرعت افتش في موروثنا الشرعي العظيم فوقفت على حديث دائما ما تقرؤوه، ونسمعه ونردده ولكننا لم نفقه ابعاده الاسرية والاجتماعية والنفسية والانسانية.حديث مليء بالعبر والعظات والحكم حديث يجب علينا بعد فهمه وقراءته قراءة واعية متأملة ان نرعوي ونخجل من سلوكياتنا في معاملة فتياتنا، وان نطأطئ رؤوسنا امتثالاً واستسلاماً.من منا لم يقرأ او يسمع حديث المرأة التي زنت فجاءت الى نبي الرحمة ليقيم عليها الحد؟ فعن (..عمران بن حصين رضي الله عنه ان امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا، فقالت: يا نبي الله أصبت حداً، فأقمه عليّ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وليها فقال:(احسن اليها) فاذا وضعت فائتني بها” ففعل فأمر بها فشُكَّت عليها ثيابها، ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها، فقال عمر: أتصلي عليها يا نبي الله وقد زنت؟ فقال:(لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من اهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت افضل من ان جادت بنفسها لله تعالى) رواه مسلم.تأمل أخي القارئ عظم الجرم الذي ارتكبته المرأة، فقد جاءت الى النبي صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فالجرم ثابت ومشاهد، ومع هذا تأمل سلوك نبي الانسانية وموقفه منها، هل اشاح بوجهه عنها احتقاراً وازدراء هل اهان كرامتها وانسانيتها لسوء فعلتها؟ وفي ذات الوقت لم يتنازل عن الحد الالهي وامضاء العقوبة.ثم انظر الى الخلق الرفيع، والدور التربوي والانساني الذي يجب علينا ان نتمثله، لقد نادى وليها المسؤول عنها، واوصاه الاحسان اليها، ولم يطلب منه ان يسجنها في الدار ويضيق عليها الخناق حتى يحين وقت حدها، بل أمره بالاحسان اليها، والاحسان معناه التلطف والزيادة في الاكرام وحسن المعاملة، وهنا يقهر دور الاب المسلم الذي استسلم فوراً لاوامر الشرع مع انه قريب عهد بايام الجاهلية واعرافها فلو اننا امتثلنا لهذه الوصية في معاملة الفتيات المخطئات لما احتجنا الى افتتاح دور للجانحات، فالنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يؤكد على دور الاسرة في اصلاح فتياتها، وانها هي المسؤولة في تقويمهن، فدور الرعاية مهما بلغ اهتمامها بالفتيات من ناحية تأمين المسكن والمأكل والمشرب، ستظل عاجزة عن تخليصهن من نظرة النبذ الاسري هذه النظرة التي هي سيف قاتل قد يدفع الفتاة الى الانغماس والانسياق في طريق الرذيلة اما احتضان الاسرة لها، وقيامها بدورها التربوي والاصلاحي، سينتج للفتاة الجانح ابواب التوبة والعودة الى جادة الحق لكن بلغ الجهل ببعضهم الى التسامح مع قاتل الفتاة الجانح من أب أو أخ بحجة الحفاظ على الشرف، بفرض عقوبة سخيفة لا تتناسب مع جرم القتل، وكم من بريئات ذهبن ضحايا هذا التهور، ولكنه تحكم العادات والبعد عن الدين.واخيراً اهيب بجمعيات ومؤسسات حقوق الانسان الحكومية والاهلية، بالعمل على رد الفتيات الى اهلهن واسرهن، وتوصيتهم بهن خيراً، وتوعية الاسرة بدورها في اصلاح الفتاة.كما اطالب وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمشاهدة بتكثيف البرامج التوعوية لتغيير هذه النظرة المجتمعية الظالمة للمرأة.كذلك أحث الجمعيات والمؤسسات التربوية على القيام بدورات تربوية ونفسية للاهالي لتقبل رجوع الفتاة الجانح وكيفية اعادة اصلاحها وتأهيلها.وهكذا بتوعية الاسرة بدورها وواجبها نحو الفتاة الجانح نستطيع ان نحد من ازدياد دور الرعاية ونفتح ابواب الأمل والاصلاح امام كل نائبة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store