Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بن رقوش.. سيرة عطرة ومسيرة حافلة

محطاتٌ كثيرةٌ تستوقفني في سيرة ومسيرة عبدالعزيز بن رقوش. كلُّ واحدة منها تحكي مآثر، وخصالاً شديدة الاختلاف عن الأخرى.

A A
محطاتٌ كثيرةٌ تستوقفني في سيرة ومسيرة عبدالعزيز بن رقوش. كلُّ واحدة منها تحكي مآثر، وخصالاً شديدة الاختلاف عن الأخرى. ففى الوقت الذي تلمّستُ فيه بقلمي تاريخ الرجل مع الكرم، والنُبل، والسخاء، وبدأتُ الكتابةَ مستعيدًا مواقفه المحفورة في ذاكرة مَن عرفوه من أهالي الباحة، وغيرهم، أجبرتني رحلته الوضّاءة مع الحكمة، ووقفاته الإنسانية الجميلة على فتح صفحة جديدة. وهكذا من صفحةٍ لصفحةٍ، ومن موقفٍ لآخر؛ حتى تأكَّد لي أن الحديثَ عن رجلٍ بقيمة بن رقوش لا يُختزل في مقالٍ واحدٍ، بل يحتاجُ كتابًا بصفحاتٍ كثيرةٍ.
ولعلَّ الراصدَ لتاريخ هذا الرجلِ الناجحِ يعرفُ أنَّ المعاني الرائعة، والخصالَ المتفرّدة التي تحلَّى بها في رحلته العملية، كان مردّها النشأة الكريمة، والتربية الصالحة، والبيئة صانعة الفرسان. فلقد تربَّى عبدالعزيز في بيت يظل مع الأيام عنوانًا أصيلاً للحكمة، والفراسة، والذكاء. بيت كالشجرة الطيّبة، لا تمنحُ إلاَّ الظلَّ الوارفَ، والثمراتِ عذبةَ المذاقِ.
البيتُ الكريمُ أهدى الباحةَ وإنسانها رجلاً بنفس العنوان. عمل في حقل التعليم، فربّى أجيالاً مازالت تحفظ له جميل الصنيع، وقدّم من المواقف ما جعلته المثال الأجمل، الذي يحتذيه كلُّ العاملين في الحقل التربوي. ولأنه رجلٌ بمعدنِ فارسٍ اختارته إمارة الباحة ليكونَ ساعدًا من سواعدها القوية، التى تبني، وترفع، وتُعلي من فضيلة الإنجاز والتنمية.
نجاحه في كلِّ المواقع التي عمل بها، بدءًا من التعليم، ومرورًا ببعض أقسام الإمارة أهّلته ليكونَ محافظًا لقلوة، ومن ثمَّ المندق، في تدرّجٍ طبيعيٍّ مشفوعٍ بالقدرةِ، والكفاءةِ، والعطاءِ، والإخلاصِ.
ومع الإبداعِ الإداريِّ، والإنجازِ الذي تحكيه الباحةُ بلسانِ صدقٍ؛ يبقى بن رقوش الإنسان حكايةً أخرى، تطربُ لها الآذانُ. فالرجلُ لم يتركْ محفلاً للعملِ الإنسانيِّ إلاّ وطرق بوابته مختارًا. تطوّع في عددٍ من اللجان والجمعيات الخيرية، فىيلجنة إصلاح ذات البين؛ ليكونَ مع رفقائه المخلصين سببًا من أسباب الخير والصلاح. كان يفتشُ عن ذوي الحاجة، وكأنه يبحثُ عن كنزٍ مفقودٍ، ويلاقي المعوزين، والبسطاء بوجهٍ ترتسمُ على ملامحِهِ كلّ تقاسيم النُبل والمروءة. بل ويُجاهدُ بحبٍّ من أجلِ صناعةِ بسمةٍ رضا على وجه فقير بائس، أو محتاج تقطّعت به السبل ليشفع له، أو يمد له يدَ العونِ والمساعدةِ.
تاريخُ بن رقوش المحفور على جدران كلِّ محفلٍ عمل به، بل في وجدان كل مَن تشرّف بالاقتراب منه، أو العمل معه سيظلُّ "كتابًا مفتوحًا" لمَن أراد أن يتعلَّم، ويقرأ "سيرة الرجال".
الاثنين المقبل تُكرِّم الباحة عبدالعزيز لتقاعده؛ ويُغادر العمل الحكومي ليعيشَ فينا وداخلنا، وليُمثِّل من هذه اللحظة بصمة إنجاز نستلهم منه روح العمل الشريف، والمواطنة المخلصة.. فهل بمقدورنا صناعة نجاحٍ كما صنعه هذا الرجل؟! أحسب أن الإجابة تحتاج منا الكثير.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store