Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الصحفي الذي دعا على نفسه!

قبل سنوات قام صديق صحفي في مجلّة شعبية شهرية بعمل تحقيق رمزي عن ملكة جمال السعوديّة، كان مضمون التحقيق يختصّ بأخلاق النّساء وصِفَاتِهِن وما يُميّزهن في مناطق المملكة الخمسة..

A A
قبل سنوات قام صديق صحفي في مجلّة شعبية شهرية بعمل تحقيق رمزي عن ملكة جمال السعوديّة، كان مضمون التحقيق يختصّ بأخلاق النّساء وصِفَاتِهِن وما يُميّزهن في مناطق المملكة الخمسة.. فمنهن من تجيد الطّبخ، ومنهن المثقفة، ومنهن الجميلة، ومنهن المُربيّة من هذا القبيل.. وعلى هذا النّحو، كان الهدف من التحقيق اختيار أفضل هذه الفئات بأسلوبٍ صحفيٍّ شيّق لا يخلو من الإثارة، وهذا الشيء -كما هو معلوم- من ركائز العمل الصحفي وعناصر نجاحه، تمّ تسمية التحقيق "ملكة جمال السعودية" مجازًا، وبعد نزول العدد بأيّامٍ قليلة.. يقول "الصحفي": جاءتنا تهديدات وزيارات واتصالات من عدة أشخاص.. بيد أن كل من جاء كان يخرج مقتنعًا.. أحد الزائرين أخبرنا بأنّ هناك حملة في يوم الجمعة من بعض الخُطباء ونصحني بأخذ إجازة والبُعد عن المكتب، لا أخفيكم سِرًّا بأنّي تركت المدينة التي أسكنها وذهبت إلى مدينة أخرى أو بمعنى أدَقّ "هربت".. وعندما عُدْت في الأسبوع الثاني تفاجأت في يوم الجمعة أن الحملة لم تنتهِ بَعْد.. والمصيبة أن المسجد هذه المرّة كان مسجد الحارة الذي كنت أصلّي فيه، المُهم.. دخل علينا خطيب غير الذي تعوّدنا عليه أحسست أن هناك شيئًا ما، ثُمّ بدأ الرجل بالخُطبة وتطرّق للإعلام وقضيّة تحرير المرأة.. فتأكدت حينها أن الكارثة قادمة.. بعدها بدأ بِذكر أن المجلة "مجلّة الرذيلة والفُحش"!..
ثمّ بدأ بذكر العاملين بها وأنّهم مجموعةٌ من العلمانيين الضّالين.. وبأنّهم وبأنّهُم.. إلخ؛ ثم جاء دور الدُّعاء رفع يديه وقال: اللّهُمّ من أرادنا وأراد نساءنا بسوءٍ فأشغله بنفسه.. اللّهُمّ جمّد الدماء في عروقه.. اللهم.. اللهم......؛ التفتت ورأيت كل من في المسجد يُأمّنون، فرفعت يدي لأُردِّد معهم بصوتٍ مُرتفع: آآآمين! بعد انتهاء الخُطبة والصلاة خرجت وانتظرت ذلك الخطيب.. سلّمت عليه وعرّفته بنفسي.. فتفاجأ بي.. ولمّا وضّحت له مضمون التحقيق اعتذر.. ونصحني وأقْسَمَ بأنّه سينشر وجهة نظري.. وأنه سيوضّح -لكل من يراه- أمْرَ استعجاله واستعجالهم بالحُكم، وفعلًا نَشَرَ خبر لقاءنا واعتذر.
خاتمة هذه القصّة الطريفة: تُرى كم من الأشياء التي كان موقف المجتمع تِجاهها سلبيًّا لينجرف وراءهُ العامّة.. لا سبب لهذه السلبيّة والحُكْم الخاطئ إلاّ التسرّع وعدم التثبّت!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store