القضاء والصحافة: شريكان لا ندان

لقاء (البيان التالي) الجمعة الماضية مع الشيخ/ عبد الله السعدان كان جميلاً وهادئاً، لكنه لم يخل من نقاط استغلها الشيخ للدفاع عن مطالبة القضاة بتجريم الصحافة عندما تمثل دور الرقيب المنتقد. وهي نقاط ناور حولها الشيخ مخترقاً دفاعات د. عبد العزيز قاسم وطريقته الهجومية المعتادة. أولا: أكثر الشيخ من الحديث حول تأثير الصحافة على الأحكام قبل صدورها. وعادة لا يُسمى الحكم حكماً إلا بعد صدوره. وعليه فالصحافة تنتقد ما قد تم البت فيه، ربما قبل تمييزه. وهنا وقفتان أولهما أن الصحافة لا تعلم غالباً عن مجريات القضية قبل صدور الحكم، الذي يكون عرضة للنقد إذا كان من العجب العجاب الذي لا تفهمه الأفهام الذكية، ومثال ذلك قضية التفريق بين الزوجين ثم نقض المحكمة العليا له ولله الحمد. والوقفة الثانية هي مطالبة الشيخ الصحافة بالتأني لحين تمييز الحكم، والذي يكاد يقترب من القطعية، فما جدوى الصحافة آنذاك؟ثانياً: بالنسبة لنقد الحكم بعد صدوره وتمييزه، يتساءل الشيخ: وهل يملك المنتقد أدوات النقد الكافية حتى يصدر رأياً في حكم أصدره قاض معتبر! مآل التساؤل هو في النهاية صمت الصحافة، فلا يحق لها أن تنتقد الحكم أياً كان.. لا قبل صدوره ولا بعده. وهذه من المحظورات التي لا يتمنى عاقل رؤيتها، فهي إغلاق لباب حرية انتظرناه طويلاً، باب يمثل سلطة رابعة تساعد ولي الأمر على كشف الحقائق وتوضيح الأخطاء وتبيين البدائل. ولعلّ الصحافة لعبت دوراً مهماً ساعد على لم شمل منصور وفاطمة بعد تفريق بأن خطؤه منذ اللحظة الأولى، ولم يتطلب خبرة قانونية طويلة ولا علمًا شرعيًا عميقًا. ثالثا: في كل مرة يشير الشيخ عبد الله إلى أهمية إجراء دراسات علمية موثقة تأكيداً لانطباع ما أو نفياً له. وهو يعلم أن ذلك من باب المستحيلات في بلادنا، ولو تمت لوُصفت بالانحيازية والاصطفاء. لكني أحيل الشيخ إلى التصنيف النبوي للقضاة إذ هم ثلاثة أحدهم فقط في الجنة مما يعني غلبة الهوى والحيود عن الحق غالباً. لا تكمموا الصحافة، فإيجابياتها تفوق سلبياتها أضعافاً مضاعفة.salem_sahab@hotmail.com