المستوى الغذائي للسعودي

لـمِسْتُ في وزيرِ الزراعة (د. فهد بن عبدالرحمن بالغنيم) الذي زاملتُهُ في الدورة الثالثة لمجلس الشورى، الـجِدّيّة في مداخلاته ومناقشاته، لكنني لستُ مِمّن يُحَبِّذُون التعميمَ، وأعتِبُ على معاليه حين عمّمَ ولَمْ يُخَصّص، بإطلاقه صِفَة «يفوق المستوى العالمي» على غِذَاء الفرد السعودي قائلاً: «إن المستوى الغذائي للفرد في المملكة العربية السعودية يفوق المستوى العالمي» (صحيفة المدينة المنورة، 16 شوال 1433هـ، ص 15)، وليسمح لـي معاليه أن أقول: ليس صحيحًا أن كل الأفراد السعوديين، يفوق مستواهم الغذائي المستوى العالمي، ومعاليه يعلم أن في المجتمع السعودي فقرًا، وفقراء، وأُسَرًا تعيش تحت خطِّ الفقر، ولا يستطيعون الحصول على السُّعْرات الحرارية الكافية، رأى خادم الحرمين الشريفين (الملك عبدالله بن عبدالعزيز) نماذج منهم عندما قام عام 2002م بزيارة بعض الأحياء الفقيرة في مدينة الرياض، فأمَر بتأليف (تشكيل) لجنة لدراسة ظاهرة الفقر والفقراء، لا أدري إلـى أينَ وصلتْ، بينما الفقراء «أعدادهم في زيادة بِنِسَب متفاوتة، ويعيشون فقرًا مُدْقِعًا» وَفْق الإستراتيجية الوطنية لمعالجة الفقر ومواجهة الغلاء المعيشي «الذي تعانـي منه نِسْبَة كبيرة من الأُسَر السعودية». (صحيفة الشرق الأوسط، 7 رمضان 1429هـ).
ولكي يكون المستوى الغذائي للفرد السعودي «يفوق المستوى العالمي» لا بد من التعامل مع الفقر بما لا يرفع نسبته من خلال: زيادة دخل الفرد، والعمل على تكافؤ الفرص، وهو ما أشارتْ إليه الإستراتيجية نَفْسُها التي حددت ثلاثة خطوط للفقر، هي بالترتيب العكسي: خَطُّ الفقر النِّسْبي، وخَطُّ الفَقْرِ الـمُطْلَق، وخَطُّ الفقر الـمُدْقِع، أيْ مواجهة الفقر بمعقولية مُدْرِكة أخطاره، والوقوف ضده، فالـهدف أولاً وأخيرًا «رفــع مستويات المعيشة» و»تحسين نوعية الحياة».
الفقر ظاهرة مَرَضِيّة موجودة في كل مجتمع، وكجميع الأمراض فإنّ العلاج الأنجع هو: الوقاية، والوقاية تتطلب تصحيح الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والتعامل العقلانـي مع الفقْر المبنيِّ على الفهم، أمّا غير ذلك من وسائل المواجهة السَّلبية للفقر، فهي لا تنتجُ غيْرَ المزيدِ منه، والمزيدُ مِنْ الفقر يُقَوّيه.
«اللهم إنـي أعوذ بك من الكُفْرِ والفَقْر».. ومرة ثانية: عتبي على الوزير.
فاكس: 4543856 - 01