Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

“بن خزيم” واحد لا يكفي

في محافظة ظهران الجنوب، طريق مُتَعَثِّر، وهو قطعًا ليس أوَّل مشروع تنموي يتعثر!! هو واحد مهم، ولكنْ أهـميتَه ليستْ واردة عند بعض منسوبي الجهات المعنية. ما الحل؟! أيبقى الأهالـي معزولين عمّن حولـهم؟!

A A
في محافظة ظهران الجنوب، طريق مُتَعَثِّر، وهو قطعًا ليس أوَّل مشروع تنموي يتعثر!! هو واحد مهم، ولكنْ أهـميتَه ليستْ واردة عند بعض منسوبي الجهات المعنية. ما الحل؟! أيبقى الأهالـي معزولين عمّن حولـهم؟! كيف يُسَوِّقُون منتجاتـهم الزراعية؟! كيف يتواصلون اجتماعيًا مع بعضهم بعضًا ومع جيرانـهم؟ تداولَ القَوْم أمرهم، فلمْ يَجِدُوا بُدًّا من حملة تبرعات لتنفيذ الطريق، لكنّ بعضهم "رفض التبرع بجزء من ممتلكاته"، وبعضهم الآخر "حتى بيعِها عن طريق التثمين" (صحيفة الوطن، 25 شوال 1433هـ، ص 10) وأنا لا ألوم هؤلاء وهؤلاء، فقد يكون عندهم "عُذرٌ وأنْتَ تلوم"، ولكنْ أقفُ احترامًا وتقديرًا لمواطن اسمه: محمد بن صالح بن خزيم، قرر "التبرع بأرض تزيد مساحتها عن 2900 مترًا مربعًا، لبلدية محافظة ظهران الجنوب، لتنفيذ مشروع ربْط قُرى جنوب المحافظة بنجران، عَبْر وادي العرين".
هذا الموقف الشّهم يدفعني للتساؤل: كيف حال ثقافة التبرع في المجتمع السعودي؟! لا أطرح السؤال مستنكِرًا، أو متعجِبًا. هذا غير وارد، وإن كنتُ أرى أنـها دون المستوى المأمول، وبخاصة عند فئة من الناس، تعمل لنفسها فحسب، وهذا ليس عيبًا، بل العيب ألا تعمل لغيرها، في الوقت نفسه.
ما الذي دفع الرجُل للتبرع؟ أنا على اقتناع بأنّه واحدٌ مـمَّن كَدُّوا في هذه الأرض، وممن رأى الحاضر، فآثَرَ أنْ يعمل له، ورأى المستقبَل فآثرَ ألا يُسْقِطَه من حسابه. أراد الرجُل إرسال رسالة، لبعض من تقع عليهم مسؤولية تحقيق الخدمات العامة للمواطنين يقول فيها: "افتحوا أعينكم، ولا تقطعوا عهدًا على أنفسكم ثم لا توفون به"، وعلى هؤلاء أنْ يَعوا الرسالة، فالطريق شيء أساسي في حياة البَشَر، وهو حاجة ضرورية، وحق من حقوق الإنسان منذ الطفولة، إلـى أنْ يُقْـبَر.
واسمحوا لـي أنّ أقول: إنّ العلاقة بين ثقافة التبرع، وبعض أفراد المجتمع السعودي، ما زالت محكومةً بثقافةِ تَرَفٍ مَظْهَرِيٍّ تارةً، وشَكْلِيِّ تارةً أُخْرَى، وليس بثقافة "اعْمَلْ لدُنْيَاكَ كأنّكَ تعيشُ أبَدَا، واعْمَلْ لآخِرَتِكَ كأنّكَ تَمُوتُ غدا".
هذا الرجُل نموذج من نماذج، يقول عنها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "الخير فـيَّ وفـي أمتى إلـى يومِ القِيَامة" وصدقونـي إذا قلتُ: "محمد بن صالح بن خزيم" واحد لا يكفي، المجتمع في حاجة إلـى مئات من أمثال "بن خزيم"، وتأكدوا أن ثقافة التبرع ظاهرةٌ صِحية، أما غيرها من وسائل مواجهة السلبيّات، فلا تنتجُ غير التأخُّر.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store