معادلة الوزير والمواطن

للدكتور غازي عبدالرحمن القصيبي -رحمه الله- كِتَابٌ عنوانُه: "التنميةُ وجْهًا لِوَجْه"، نَشَرَتْهُ شركةُ تهامة عام 1401هـ - 1981م، تناول فيه العلاقة بين الوزير والمواطِن، جاء فيه: "الوزير باتّصاله المباشِر مع المواطن، يستطيع أن يستوعب في دقائق، ما لا يستطيع أن يستوعبَه في ساعات، من قراءة التقارير الـمُطَوّلَة.. وهناك خدمة إدارية مهمة، يقدّمها المواطنون للجمهور، وهي أنهم يشكّلون هيئة تحقيق، ورقابة فعّالة، على أعمال الوزارة وموظفيها.. المواطِنُ الذي يراجع الوزير، متظلّمًا من أنّ معاملته مُعَطّلَة منذ أسابيع في قِسْم ما، يعطي الوزير فكرة واضحة عن: كفاءة هذا القِسْم.. والمواطن الذي يُبْلِّغُ الوزيرَ أنه ينتظر الكهرباء منذ عدة سنوات، يُقَدِّم أبلغ تقرير عن فعالية الشركة المسؤولة عن الكهرباء، في تلك المنطقة. والمواطِن الذي يشكو للوزير، أنّ موظفًا ما في الوزارة نهرَهَ، أو شَتَمَه، أو طرَدَه، يعطي الوزير انطباعًا يختلف تمامًا عن الانطباع، الذي سَبَقَ أنْ كَوّنَهُ عن ذلك الموظف، وهو يتصرّف أمامه، كما لو كان تجسيدًا
للأدب والأخلاق. وحتى المواطن الذي يطلب من الوزير أمرًا مستحيلَ التحقيق، يؤدّي خدمة كبرى للوزير، إذ يُذَكِّره بأن الشوْطَ أمامه إلـى رضا النّفْس، ورضا الناس، لا يزال طويلاً وصعبًا. والوزير في غَمْرَةِ هذه المشكلات الإدارية كلها، يحتاج إلى: أن يخصص وقتًا كبيرًا من وقته، للإلمام النظري بطبيعة العمل الذي تقوم به الوزارة، ولا أودُّ أنْ يفهمَ أحدٌ من هذا، أنّ الوزير يجب أن يكون من المتخصصين، فأكثرُ المهندسين -عبقريةً ونبوغًا- لن يكون بالضرورة وزيرًا ناجحًا، لوِزارة يعتمد عملها أساسًا على المهندسين. إنَّ ألْمَعَ الأساتذة الجامعيين، وأشهرهم، وأكثرهم درجات علمية، لن يكون بالضرورة أقْدَرَ الناس على تسيير العمل في وزارة، قريبة من حقل تخصصه الأكاديمي".
منهجٌ يُزِيلُ الـمَخَاطِرَ المحتملة بين الوزير من جهة، والمواطن من جهة ثانية، وبه يزدادُ الوعيُ التنمويُّ المطلوب، ويُستبعدُ أيُّ خَطَرٍ يواجه العلاقة بين الطرفين، والسفينةُ التي لا يتعاون رُكّابُها مع الرُّبّان تَغْرَق. إذًا الوزيرُ والمواطن معادلة لا تستقيمُ إلاَّ بمعرفة الطرفَيْن: الحقوق والواجبات، ورحم الله غازي القصيبي.
فاكس: 4543856-01