Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كبسولة فيليكس وكبسولة خروف العيد..

فيليكس قَفَز، فيليكس لَم يَقْفِز، فيليكس سيقفز؛ هكذا كانت الملايين تترقّب يوم الأحد الذي فات أمام شاشات التلفاز، والأجهزة اللوحيّة، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن جعل الإعلام الغربي من ذلك الحدث

A A
فيليكس قَفَز، فيليكس لَم يَقْفِز، فيليكس سيقفز؛ هكذا كانت الملايين تترقّب يوم الأحد الذي فات أمام شاشات التلفاز، والأجهزة اللوحيّة، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن جعل الإعلام الغربي من ذلك الحدث حدث السّاعة، وذلك النّمساوي وكبسولته شيئًا أكبر من شريط قناة.. وأهم من وقت أيّ وقت آخر، لا أُهَوّن من شأن الحدث أبدًا.. فهو إنجاز يقف خلفه وأمامه وبجانبه نخبة من العلماء والخُبراء ببحوثهم ورؤوسهم التي شابت عِلْمًا، وشَبّت إنجازًا.. كما أنّه حدثٌ لا يتكرّر كل يوم، يكفي أنّهُ يعكس روح التحدّي ولا نهائيّة العلم والتعلُّم، ورغبة الإنسان بالاكتشاف والتفوّق على مَن سبقه، لكن وبالنسبة لي هناك ما هو أهمّ من ذلك.. كسعر كرتون الدجاج مثلاً إلى أيّ حدٍّ صَعَد؟! أو محاولة الخروج من هذا المأزق: كيف يمكن لي أن أضع خروف العيد، وثوب العيد، وأشتري مع شيءٍ من الحلوى في كبسولةٍ واحدة؟! وبيني وبينكم سواء قفز فيليكس، أو صعد ولم يعُد إلى الأرض؛ ما يهمّني في كل هذه (الضّجّة) هو دور مطبخ الإعلام الغربي، سواءً في التغطية، أو التغطيَة مِن الغِطاء! فقفزة فيليكس تمّت تغطيتها بشكلٍ مَهُول بالثانية، ليست بالدقيقة فقط.. قبل وبعد الصعود للأعلى،
وخلال ذلك إلى أن وطئت قدماه الأرض.. تمت تغطيتها والترويج لها إلى درجة تساؤل العجائز في ذلك اليوم: هاه فيليكس طبّ أو للحين يراوي؟! رغم أنّ القفزة لم تكن إثباتًا لقانونٍ جديد، أو إلغاءً لقانونٍ سابق، كما روّج بعض من طاروا في العجّة!، بينما في المقابل لهذه الجُرعة الإعلاميّة الزائدة، وفي سوريا على سبيل المثال كانت الطائرات في ذلك الوقت: تهدم المنازل على رؤوس أصحابها، والمناشير تحوّل أجساد النّاس إلى قطعٍ صغيرة، والرصاص يخترق صدور الأطفال والنساء، والموت بماء الأسيد يوزّع بالمجّان ولا (يُذاع)!، والتغطية الغربيّة تغطية، ولكن بالمعنى الآخر!؛ هو الإعلام يا سادة.. جيش آخر، مُخدّرات أخرى؛ لا يُمكن لكل الشُّعوب أن تقف في وجهه، أو تسلم من تأثيره، وقيسوا على ذلك الكثير من الأحداث خلال السنوات والعقود الماضية، باختلاف التوقيت، واختلاف المكان أيضًا، وقبل ذلك كُلّه المصلحة، الإعلام يا سادة: هو تلك البوابة التي يمُر من خلالها ما يراد، وتُغلق عن ما لا يُراد، المجهر: الذي يضخّم ويهوّن من الأشياء.. يُعتم حينًا، ويسلّط الإضاءة أكثر من اللازم حينًا آخر؛ تلك العصا السحريّة التي تُخرج الأرانب من القُبّعة، وتُخبّئ قطيعًا من الفِيَلَة.. في جيب بنطلون!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store