Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

فضيحة جدة: «لا عذر لمسؤول»

جاء الأمر الملكي الكريم بتكوين لجنة برئاسة سمو أمير منطقة مكة المكرمة للتحقيق وتقصي الحقائق في أسباب فاجعة جدة وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص ذي علاقة بها.. جاء بلسمًا شافيًا خفف من الجراح التي سكنت قلوب الأهالي.

A A
جاء الأمر الملكي الكريم بتكوين لجنة برئاسة سمو أمير منطقة مكة المكرمة للتحقيق وتقصي الحقائق في أسباب فاجعة جدة وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص ذي علاقة بها.. جاء بلسمًا شافيًا خفف من الجراح التي سكنت قلوب الأهالي. فمأساة جدة ومآسي سكانها مع سيول الأربعاء الماضي ستظل بكل أسف محفورة في تاريخها عن أقسى فصول قصصها ألما ومرارة مع الأمطار ، وستظل التساؤلات تلاحق الأجهزة المعنية عن الأسباب التي أدت إلى هذه الآثار الكارثية وكان من الممكن تفاديها أو الحد منها على أقل تقدير ، وتحديدا هنا البلديات والمرور والدفاع المدني وكل أجهزة الطوارئ ذات الصلة على اختلاف عملها وطبيعة ومستوى مسؤولياتها تجاه ما حدث . فللأسف حدث سقوط مدوٍ بنسب مختلفة في اختبار مأساة السيول ، والخلاصة كما قال أحدهم أن دم جدة تفرق بين الأجهزة الحكومية قديما ويتفرق حاضرا مع المأساة الحالية في الوقت الذي لا يزال فيه البحث جاريا عن مفقودين وجثث مغمورة حبيسة السيارات والبيوت الغارقة .لقد أسقطت سيول الأربعاء ورقة التوت الأخيرة وكشفت عورات جدة المزمنة والمستفحلة مما يدعو لمحاكمات عاجلة غير آجلة للسبب الأهم وهو الفساد المتجمل بالتصريحات الوردية ، وهذه هي علتنا ومرضنا الأخطر ، فمشكلتنا تبدو مزمنة مع التخطيط إن كان للحاضر أو للمستقبل في أزمة جدة بالنسبة للأمطار فيما نجد إسرافا في التصريحات والتبريرات مع أن المشكلة واضحة ومعروفة لدى البلديات خاصة في تلك الأحياء والشوارع التي تضررت وشهدت ضحايا ، فأين كان هؤلاء من كل ذلك ولماذا الصمت وغض الطرف حتى تقع الكارثة ، ولماذا نظر المسؤولون إلى القضية القديمة الجديدة على أنها ملفات إدارية مؤجلة تحتاج لقرارات ، فلا استخرجوا القرارات ولا وجدنا استعدادات وإجراءات وقائية قبل هطول الأمطار ، ولا تحذيرات ولا جولات ميدانية وقف خلالها مسؤولون على أرض الواقع من مسؤولي البلديات تحسبا للأمطار ، ناهيك عن العجز والارتباك التام خلال ساعات المطر حتى عصفت السيول بكل دور . هذا يقودنا للسؤال عن دور مجالس الأحياء والمجالس البلدية أين هم ولماذا لم يرصدوا أوجه القصور ، وماذا فعلوا خلال سنوات دوراتهم وكل هذه السلبيات موجودة في الأحياء وأدت إلى ما أدت إليه من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات مع غياب التنسيق وكأن كل واحد يقول نفسي نفسي . وبالمناسبة عن نفسي أنا كنت واحدا من عشرات الآلاف الذين حوصروا وتضرروا من غياب أجهزة الطوارئ خاصة المرور في الشوارع ، فقد كنت على سفر إلى الدمام على رحلة الثالثة عصرا ، وتوجهت للمطار في الثانية عشرة والنصف وأخذت الخط السريع (طريق الحرمين) ومع أنه يستغرق أقل من نصف ساعة إلا أنني حوصرت مع السيارات الأخرى التي اكتظ بها الشارع والذي بدوره فقد معالمه وجوانبه واستمر الحال حتى الثالثة وفات موعد الرحلة وكان لابد من البحث عن سبيل للعودة وهذا كان الموقف الأصعب ، فلا سبيل للخروج ، ومع ذلك حاولت مع من حاول حتى فتحت ثغرة إلى طريق ترابي واستلمته وسط أخطار حتى عدت إلى البيت خشية أن تطفو السيارة بنا مثلما حدث مع الكثيرين . أخلص من ذلك إلى عدة أمور :- إن طريق الحرمين وكل ما هو على شاكلته كان يستوجب تفقدا مروريا بوضع لوحات إرشادية بأنه مغلق من الأمام بسبب السيول ومساعدة اصحاب السيارات المكتظة على طول خط الحرمين للعودة والبحث عن طريق اخر وخاصة ان هناك اطفالا ونساء وكبار السن الذين يحتاجون للمساعدة وليس تركهم لمصيرهم المجهول .- كان الأمر يتطلب حضورا مروريا ومن الدفاع المدني ولو بالطائرات المروحية للطرق المغلقة لإرشاد الناس .- أيضا كان يمكن الاستفادة من رسائل الجوال بالتنسيق مع المرور والبلديات وغيرها مثلما صدر تحذير عن موجة أمطار ثانية .- تحذير الناس من الخروج من منازلهم لسوء الاحوال الجوية واغلاق الطرق والاستعانة بالشرطة عند الحاجة وانذار سكان الاحياء المهددة بالاخطار باخلائها.- ثبوت انعدام خطط الطوارئ خاصة في المناطق المنكوبة مثل المسافة بعد كوبري الجامعة والمواقع التي شهدت انهيارات والأحياء المنخفضة التي استقبلت سيولا جارفة .أليس من المخجل أن نكون في البلد الأغنى وتستمر جدة على هذا الوضع المأساوي؟!. أليس الأجدى علاج هذه المشكلة المزمنة بدلا من إنشاء حديقة أو تجميل منتزهات والحديث الصاخب عنها حتى لا تتكرر فضيحة جدة مع الأمطار إلى مآسٍ مروعة !!.أخيرا وليس آخرا : أرواح ودماء الضحايا تستوجب المحاسبة لكل جهة مقصرة كان يجب أن تنجز ولا تتعلل بميزانيات أو غيره . وقد قال ولي الأمر حفظه الله :»لا عذر لمسؤول» رحم الله الضحايا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store