Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الحمام يطير في بريدة

الفنون بجميع أشكالها هي الجُسور الحميميّة التي تربطنا بالآخرين، هي النوافذ التي تفتح على الشمس والقمر والنُّجوم، هي كراسي العُشّاق وأوطان المغتربين وعِنَاق الأحبّة، هي صانعة الألفَة ومحطّمة كل الحواجز

A A
الفنون بجميع أشكالها هي الجُسور الحميميّة التي تربطنا بالآخرين، هي النوافذ التي تفتح على الشمس والقمر والنُّجوم، هي كراسي العُشّاق وأوطان المغتربين وعِنَاق الأحبّة، هي صانعة الألفَة ومحطّمة كل الحواجز بين الكائنات التي تُدعى ناسًا، كل هذه الأشياء لمستها في (حائل) مدينةٌ تُعلّم الكَرَم أصُول وفُصُول الكرم جَمَعَنا ملتقى الشمال المسرحي في دورته الأولى على مسرح جمعية الثقافة والفنون، قَدِم الشباب من كلّ فجٍّ عميقٍ وَمُعِيق ليعرضوا بضاعتهم في سوق الإبداع والجمال، كانت هناك جوائز ستُمنح للعروض الفائزة ولكن الجائزة الأكبر هي أن يجد أولئك الشباب فضاءً يحتفي بالعصافير.. يمنحها فرصة الطيران والتحليق بحريّة، فضاءٌ لا ينتف الرّيش من أجنحتها، كنت هناك لليلةٍ واحدة فقط.. لكنّها ليلةٌ وافرة الجَنَى والمُنَى، لم أشاهد سوى العرض المسرحي لشباب الجوف وشباب بريدة؛ العرض الأوّل كان بعنوان: (كليناها وفليناها) عملٌ مسرحي من تأليف شابّ لا زال في مقتبل العُمْر.. وللأسف لا يحضرني اسمه.. وقد سرّني إضافةً لروعة العمل أنّه جاء من الشمال تلك الجهة المنسيّة على كافّة المستويات رغم أن البوصلة تشير إلى هناك والقلب ينبض من هناك، أعرف الشمال جيّدًا وأعرف أن إنبات شجرة وقطف ثمرة فنيّة فيه.. ليس من السهولة أبدًا..
وبأن ذلك لن يتمّ إلاّ بجهدٍ وصعوبةٍ مضاعفين، أمّا العرض الثاني (مايسترو) وهو من تأليف د. محمد صقر وإخراج: محمد العتيبي وأداء مجموعةٌ من الشباب الواعدين.. فقد سرّني لأنّه قادمٌ من القصيم من بريدة عاصمة البقعة التي لا تحتفي بالموسيقى كثيرًا؛ بالمناسبة كان العمل من أوّله إلى آخره قائمٌ وغائمٌ على الموسيقى وحركة الممثلين وظِلالهم برفقة لوحة ضوئيّة ساحرة.. بدون أن ينبس أحدهم ببنت شفة!، وكأنّهم ما جاءوا إلاّ ليؤكّدوا بأنّ (الحمام يطير في بريدة) يا يوسف المحيميد!؛ نعم طار الحمام إلى أن وصل إلى أجا وسلمى حيث مسرح جمعية الثقافة والفنون الذي مرض لسنواتٍ طويلة لكنّه لم يمُت! وكذلك الفنون بكافة أشكالها مهما واجهت من العراقيل وصادفت من العقبات وقاربت على الاندثار لا بد أن تصحو وتنتعش ذات يوم، هذا يعيدني شخصيًّا للفيلم الكردي (half moon) الذي تدور أحداثه حول موسيقار كردي طاعن في السن يدعى (مامو) يرغب في الرحيل من كردستان إيران إلى كردستان العراق لتقديم موسيقاه هناك، موسيقاه التي حُرِمَ من تقديمها منذ ٣٥ عامًا في حفل كبير يُنتظر أن يكون بحق احتفالًا كبيرًا بعودة الحريّة، غير أنه يتعين على "مامو" أولًا أن يجمع شمل أبنائه العشرة، وهم في الوقت نفسه أعضاء فرقته الموسيقية، ويجد أيضًا وسيلة تنقله إلى أعالي الجبال؛ شاهِدوا الفيلم.. أمّا أنا فقد شاهدت (الحقيقة) في حائل.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store