Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وزارة العمل و تجربة المجرّب !!

لايزال قرار وزارة العمل الأخير برفع تكلفة العمالة الوافدة ، من خلال فرض رسم مقداره 2400 ريال على كل عامل وافد ؛ ضمن القرارات التي لا تعالج سبب المشكلة ، و إنما تحوم حوله ، و أزعم أنها حتى لا ترقى إلى

A A
لايزال قرار وزارة العمل الأخير برفع تكلفة العمالة الوافدة ، من خلال فرض رسم مقداره 2400 ريال على كل عامل وافد ؛ ضمن القرارات التي لا تعالج سبب المشكلة ، و إنما تحوم حوله ، و أزعم أنها حتى لا ترقى إلى أن تكون مسكناً له.
إذ لم تفلح قراراتها على مدى العقدين الماضيين في تحقيق سعودة حقيقية بالقدر الذي يعالج البطالة التي يعاني منها شباب و شابات الوطن ، و الدليل أن لدينا حوالي مليون و أربعمائة ألف مشترك في برنامج حافز و العدد في تزايد ، و ذلك في الوقت الذي تتوفر فيه الملايين من فرص العمل التي تشغلها عمالة وافدة. و الملفت أن جميع قرارات وزارة العمل التي تحوم حول الإلزام و رفع تكلفة العمالة الوافدة و رفع رواتب السعوديين ، و التدخل في مواعيد عمل منشآت القطاع الخاص بدعوى جعله أكثر جاذبية للعامل السعودي ، تُعد في مجملها تدخلاً يتعارض مع آليات اقتصاد السوق من جهة ، و من جهة أخرى يصب في إفقاد القطاع الاقتصادي بعض مزاياه ، التي منها انخفاض تكلفة العمالة ، وهي من المزايا التي جعلت البضائع الصينية -على سبيل المثال- تغزو العالم و تحقق أعلى معدلات نمو اقتصادية في العالم..
أعود إلى مسألة رفع تكلفة العمالة الوافدة التي لا تُعد جديدة ، فقد تكررت مراراً ولم تثمر أي نتائج إيجابية في مجال توظيف العمالة الوطنية ، ولا في مكافحة التستر التجاري ، و إن كان لها من أثر فهو المساهمة في زيادة الأسعار و ارتفاع تكلفة المعيشة ، و العجيب أنه برغم ذلك يتم تكرارها ..
و لتذكير القارئء الكريم استعرض بعضاً من القرارات المتعلقة برفع تكلفة العمالة الوافدة خلال السنوات الماضية ، و منها:
• رفع رسم الإقامة من 150 ريالاً إلى 300 ريال ثم إلى 500 ريال (أكثر من ثلاثة أضعاف)
• فصل مرافقي المقيم ذكوراً و إناثاً بإقامات مستقلة عند بلوغ 18 سنة و دفع نفس الرسوم لكل مرافق.
• زيادة غرامات مخالفات نظام الإقامة بنفس الزيادة في رسمها.
• فرض رسوم مرتفعة لنقل الكفالة 2000 ريال و مضاعفتها بالتكرار إلى 6000ريال.
• رفع رسم التأشيرات من 50 ريالاً إلى 1000 ريال ثم إلى 2000ريال (40 ضعفاً) ودفعها مقدماً بدلاً من سدادها عند تنفيذها في السفارات.
• زيادة رخصة العمل من ريال واحد إلى 100 ريال (100ضعف)
• إضافة رسم صندوق تنمية الموارد البشرية 150 ريالاً.
• فرض التأمين الصحي و أدناه ما بين 700 و 800 ريال.
كل هذه الزيادات هدفها رفع تكلفة العمالة الوافدة من أجل تقريبها من تكلفة العمالة الوطنية ، و منذ أول قرار وحتى القرار الأخير الذي نحن بصدده لم ننجح في تحقيق الهدف و لانزال ندور في حلقة مفرغة ، لأن رفع تكلفة العمالة الوافدة مع غيرها من القرارات تدفع في اتجاه ارتفاع تكاليف المعيشة و تتسبب في موجات متتابعة من التضخم الذي سرعان ما يؤدي إلى إعادة الفجوة ما بين ما تقبل به العمالة الوافدة من أجور و ما تتطلع إليه العمالة الوطنية ، و في خضم ذلك نفقد مزايا اقتصادية ، و نُضعف تنافسية منتجاتنا و خدماتنا في الأسواق المحلية العالمية.
ثم بعد ذلك يُتهم القطاع الخاص بالجشع و الطمع و نتساءل لماذا ترفع مؤسسات الخاص أسعارها ؟! في حين أن قرارات جهات حكومية عديدة -ومنها وزارة العمل- تؤدي إلى رفع التكلفة و بالتالي لارتفاع الأسعار.
و هنا يمكننا طرح مجموعة من الأسئلة المشروعة حول مبدأ رفع تكلفة العمالة الوافدة ، منها:
• ألا يدفع رفع تكلفة العمالة النظامية إلى تشغيل العمالة غير النظامية و الهاربة؟
• ما هي فائدة رفع تكلفة عمالة لا يرغب السعوديون العمل بها مثل أعمال البناء و النظافة و التشغيل والسواقة؟
• ألا تدفع مثل هذه التدخلات والتعقيدات المواطن إلى المزيد من التستر بدلاً من مكافحته؟
• ألا تُعد مثل هذه التعقيدات استمراراً في تقويض منظومة أخلاق المجتمع الناتجة عن فرض قرارات غير واقعية تدفع الناس إلى الاحتيال و التزوير و الرشوة ؟
إن أرادت وزارة العمل و غيرها من الجهات المعنية بحل مشكلات البطالة و التستر فعليهم أن يتعرفوا بدقة على أسبابها ، و من ثم وضع العلاج المناسب لها ، و لا يليق أن تظل تكرر ما جربته مراراً ولم ينجح.
لقد كشف برنامج حافز عن أسباب للبطالة غير سبب عدم مواكبة مخرجات التعليم لحاجات السوق ، و الدليل رفض الغالبية لشروط النظام والرغبة في الحصول على الإعانة ، وعدم قبول أي دعم من أجل تأهيلهم لحاجات سوق العمل ، و هذا يدل بشكل واضح على أن هناك أسبابا متعلقة بثقافة المجتمع ، التي يغلب عليها في ظني الارتخاء و الدعة و الرغبة في الكسب السريع بدون -أو بأقل- عمل ، و أنَفَة الكثير من أفراده من المهن و الأعمال اليدوية و العمل في مؤسسات القطاع الخاص ، و لذلك علينا معالجة هذه المشكلات الثقافية المتعلقة بعدم رغبة الشباب و ليس فقط معالجة عدم قدرتهم على العمل في القطاع الخاص.
وعلى وزارة العمل الاستفادة من قراراتها السابقة و عدم تكرار ما لم ينجح في تحقيق أهدافه ، و التوقف عن إعادة تجربة المجرّب الذي ثبت فشله. فقد تعلمنا أن تكرار نفس العمل سيؤدي لا محالة إلى الوصول إلى نفس النتيجة!! أليس كذلك؟!
و الله الملهم الجميع الصواب.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store