Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سؤال أبله !

.. وتَدّعي الحُريّة ؟! مسكينٌ أيّها الإنسان.. ، لم تتحرّر من سُلطة ( الرقيب ) ولو للحظةٍ واحدة طوال حياتك .. حتى في ذلك الوقت الذي تقضيه في الحمّام مترنّماً بـ ( الأرض بتتكلّم عربي ..

A A
.. وتَدّعي الحُريّة ؟! مسكينٌ أيّها الإنسان.. ، لم تتحرّر من سُلطة ( الرقيب ) ولو للحظةٍ واحدة طوال حياتك .. حتى في ذلك الوقت الذي تقضيه في الحمّام مترنّماً بـ ( الأرض بتتكلّم عربي .. الأرض الأررر ) .. يُخيّل إليك بأنّ هناك من ينهرُك من خلف الباب : إخرررس ! وكأنّه يذكّرك بقُبح صوتك في الخارج ! ؛ تعود بذاكرتك إلى سيرتك الأولى ها أنت في رَحِم أمّك .. يرقبك الأطبّاء بأجهزتهم .. وتنتبه والدتك إلى تحرّك قدمك وأنت تركل بطنها .. تشعُر بنعومة يد الممرضة الحسناء وهي تمرّرها على جدران جنّتك التي لم تدُم طويلاً .. ، ها أنت تُغادرها بعد سبعة أشهر فتوضع في حضانة على أجهزة تشتغل على مدار الساعة ترقب نبضك وحرارة جسدك الصغير.. وتقيس كمية الأكسجين التي تدخل وتخرج من وإلى رئتيك .. هذا غير تلك الكائنات ذات الأعين الصغيرة التي تتبدّل كل ثماني ساعات ! ؛ ها أنت تنمو قليلاً فيعيدونك إلى والدتك التي تأخذك إلى البيت .. ليتلقفك الجميع وكأنّك كائنٌ هَبَطَ من المريخ ! تنتقل من يدٍ إلى يد ومن حِجْرٍ إلى حِجْر بين رائحة عطرٍ و تِبْغ .. تنمو قليلاً فتحبو لا زالوا يرقبونك .. تخطو أولى خطواتك وأعين من حولك لا تكاد تفارقك .. لا تدري أترقَبُكَ حبّاً أو شفقةً أو خوفاً عليك .. أو فُضولاً لا أكثر ! تكبر قليلاً فتذهب إلى المدرسة ليرقبك المعلّم والبوّاب والمدير وعريف الفصل وطلاّب النظام و و و ، بعد سنوات ها أنت في سن المراهقة .. مرحلةٌ ترقبكَ .. فيها حتى ( قطط الشوارع ) ! تتجاوزها بصعوبة لتتخرّج فتبحث عن وظيفة فتصطدم برقاباتٍ جديدة .. مديرك يرقبك بعين النظام وزملاؤك يرقبونك بأنف الحسد ، وبين ( لفت نظرٍ ) من رئيسك .. ونظرٍ لافت ومتهافت من زملائك .. تفكّر بالزواج فتبحث عن كائنٍ يشاركك مأساتك .. وها أنت تجد ذلك الكائن على طريقة ( أبوها رجّالٍ طيّب ) .. وعلى نَظَر أمّك رغم أنّك تعلم بأنّ ( حُلوة اللبن ) - أمَدّ الله بعمرها - تعاني من قصر النظر ! .. ، المهم قدّر الله عليك وتزوجت لتبدأ رقابة تلك الكائنة التي تحاسبك على ( الروحة والجية ) ولديها من الحدس وقرون الاستشعار ما يجعلها جاهزةً للالتحاق بالموساد بدون الحاجة لأيّ اختبار ! .. ها أنت ( تخرج من طورك ) إلى الشارع .. فيرقبك الجيران ورجل الأمن وعدسة ساهر .. وجيمس بوند و و و و إلخ .. لتدرك أنّك في مجتمعٍ تغلغلت فيه الرقابة وأصبحت جزءاً من نسيجه .. إلى الحد الذي لا يُمكن لك فيه أن تتصدّق بدون أن تدري شمالك عن يمينك !!
السؤال الأبله : - أبله جِدّاً - مجتمعٌ كهذا المجتمع .. كيف يسرق لصوصه ؟!!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store