سأشتري (دالاً) !

بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، ولعشرات الضرورات التي رأيتُ فيما يرى (الهائم) أنّها كفيلةٌ بإباحة كل المحظورات.. وذلك بعد استفتاء نفسي (الأمّارة بالضّوء) قرّرت أن أشتري شهادة دكتوراة أنيقة.. أو تدرون وكما يقول المثل: (إذا لحست عسل.. إلحسه كلّه)!، سأجعلها ثلاثة ماجستيرات ودكتوراة واحدة، نعم.. نعم.. ثلاثة تخصّصات منوعة حسب طلب السوق.. والدكتوراة في أحد مجالات (تطوير الذات) على الأقل سأضمن أنّ هذا التخصص الرائج في البلد.. لن يقتل أحدًا!
أمّا الضرورات التي أشرت إليها في بداية المقال فهي بالمختصر المفيد.. كالآتي:
- تلك الشهادة (الوهميّة) ستضمن لي -بمشيئة الله وسِتْرِه- منصبًا (حقيقيًّا)، وغالبًا سيكون مرموقًا.
- أن يسبق اسمي الثلاثي حرف (دال) مسألةٌ تستحق أن أدفع ما هو أكثر من ٥٠٠٠ دولار بطيب خاطر.
- أن أصبح دكتورًا، معنى ذلك أن يكون لكلامي قيمة، ولِمَا أقول أهميّةٌ مضاعفة.. ووزن أيضًا.
- سترحّب بي كل القنوات الفضائيّة والمنابر الإعلاميّة.. فقضايا البلد وإنسانه.. بحاجة لدكاترةٍ أكفاء.. يُنظّرون، ويُنظّرون، ويُنظّرون ولا يَنْظُرُون شيئًا، يقولون، ويقولون، ويقولون.. ولا يقولون شيئًا!
- قد يوفقني الله ويستُر عليَّ و(أمثّل) البلد في المؤتمرات والاجتماعات الدوليّة خير تمثيل.. وأعدكم بأنّي سأكون حينها.. (ممثلاً) جيّدًا!
- في المناسبات الاجتماعية سأضمن كرسيًّا في الصفّ الأول.. مستحيل أن لا يجد (الدكتور) له مكانًا في الصفّ الأوّل!
- بالفطرة أمتلك إمكانية أن أُحفّز غيري وأطوّر من شخصيّته، وأصنع منه إنسانًا رائعًا.. لا ينقصني لإقامة الدورات التدريبيّة المُربحة.. إلاّ الحصول على تلك الشهادة، التي لن يكلّف أحد المتدربين نفسه، بل ولن يجرؤ أن يطرح مثل هذا السؤال: هذا الدكتور من أين حصل على شهادته؟!!
- وما لا يقل أهميّة عن كل ما سبق أنّني سأتمكن من قول: (إنّ الهَوَس الأيدولوجي المنبثق من حيّز الانتماء المُفضي إلى الضعف البشري لإنسان هذا القرن زمكانيًّا ومكزانيًّا كله يصبّ في الأنثبولوجيا للمعتقد الواحد)! بدون أن يسأل أحدهم: "هذا وش قاعد يقول"؟!!
.. اللهم قد بلّغت، اللّهمّ فـ(اغفر)!