Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

يا سليل المهراجا كُل الفيل ودَعْ الدجاجة

طرت إلى دبي ليوم واحد لحضور اجتماع مجلس إدارة بورصة دبي للماس.

A A
طرت إلى دبي ليوم واحد لحضور اجتماع مجلس إدارة بورصة دبي للماس. تأخر الاجتماع لمدة ساعة، لم أندم عليها أبداً حيث قضى على تلك الساعة نقاش السيد ديليب مهتا (أكبر منتج ماس في العالم وهو من الهند) قال السيد مهتا هل تعلم أنه، رغم ديمقراطيتنا الراسخة في الهند، إلا أني أحياناً أقول ليت لدينا ديكتاتور، وذلك حتى تتوحد الرؤية ويزداد النمو الاقتصادي. قلت له يا أيها المبجل سليل المهراجا، هلا التفت إلى بوذا وناجيت هاري كريشنا وغسلت فمك بماء نهر الجانج المقدس 4 مرات لتطهره من هذا الكلام الخايب؟. ألا تعلم أن الديكتاتور سيوحد لكم الرؤية لكن وفق رؤياه هو فقط، وعندها فإن أي رؤية مخالفة لرؤيته سيتهم صاحبها بتشكيك في الوطنية وزعزعة لاستقرار الهند وتعطيل للتنمية وشق لصف الأمة ونقص في الولاء؟. فلتتعدد الرؤى ويُختار أحسنها بدلاً من أن تتوحد في رؤية واحدة لا شريك لها. وحتى في التنمية، قد يزداد النمو العام لسنوات معدودات ثم ينحصر النمو في نمو ثروة الديكتاتور وعائلته أو حزبه أو جوقة المنتفعين به. وأخطر من ذلك أنه في ظل الديكتاتورية تنهب الثروات العامة للأمة وتتوزع بينهم في جيل واحد ثم تعقبهم أجيال لا تجد من الثروات العامة شيئاً تنتفع به، فأنت بخيالك هذا لا تضر حاضركم بل تضر كل مستقبل للهند في القرون القادمة.
ولأن بلدك الهند هو بلد البخور فسيلمع نجم حاملي البخور بدلاً من نجم دعاة الحق حماة المجتمع، وقلت له دع عنك نظرية المستبد العادل فهذه من نظريات العرب، فحذار من انتقال العدوى الفكرية لكم. فتمسكوا رحمكم الله بخصوصية التجربة الهندية، وبدلاً من أن تتلاحموا مع حاكمكم تلاحموا مع ديمقراطيتكم. لا تتلاحموا مع الحاكم بل تلاحموا مع النظام الذي يجعلكم رقباء على الحاكم. أما الآثار السلبية لبعض الممارسات الديمقراطية فعلاجها هو المزيد من التعمق في الديمقراطية، إن الديمقراطية هي التي حمت أمة من ألف لغة وعشر ديانات ومائة عرق بشري. لولا الديمقراطية لكنتم في الهند أمماً شتى.
ثم عرجنا على الاضطراب الذي يصيب المجتمعات عند حدة التغير، فقلت له إن جمود الإصلاح يؤدي لانفجار يتخبط بعده المجتمع ويضطرب، لكن كل اضطراب بعد زوال الديكتاتور يلام فيه الديكتاتور نفسه فهو عادة يكبح تكوين ونمو مؤسسات المجتمع المدني ويمنع ظهور أي بديل عنه هو مرددا: "إما أنا أو الفوضى"، فالفوضى في الواقع ليست البديل بل هي سلاحه الذي يرهب به العقلاء.
وقلت له إن الجمود مقتلة الأمم، والديكتاتورية مؤدية للجمود لا محالة. ورغم أن كثيرين يرددون أن من سبّب انهيار إمبراطورية الاتحاد السوفيتي هو جورباتشوف، إلا أني أنا أقول أن من سبّب انهياره هو برجنيف، برجنيف بجموده جمد الاتحاد السوفيتي لمدة 8 سنوات حتى تيبست مفاصله بينما العالم يركض بنشاط وحيوية، وا أسفاه على ذلك الانهيار الخائب الذي نقل المجتمع أسوأ نقلة.
ولما حان وقت انعقاد مجلس الإدارة اختصرت له كل النقاش بقولي: "منذ وجد الإنسان على كوكب الأرض لم يخترع نظاماً أفضل من الديمقراطية ولا طعاماً ألذ من الخبز، ...... وقد أغير رأي في الخبز".
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store