Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

خطورة محور الأخونة

أجزم أن أحداً لا يستطيع مواراة خطورة جماعة الإخوان كفكر بدأ يتغلغل في ثنايا الفعل السياسي ورغبتها الجامحة في جعل تنظيماتها الأنموذج الأمثل للتعاطي المُستقبلي ؛ مُستغلِة لتمرير ذلك البيئة الخصبة التي ت

A A
أجزم أن أحداً لا يستطيع مواراة خطورة جماعة الإخوان كفكر بدأ يتغلغل في ثنايا الفعل السياسي ورغبتها الجامحة في جعل تنظيماتها الأنموذج الأمثل للتعاطي المُستقبلي ؛ مُستغلِة لتمرير ذلك البيئة الخصبة التي تكونت جراء تراكمات الثورة ، ومن يجافي هذه الحقيقة – حتماً – لا يخرج عن توجهين لا ثالث لهما ، أولهما أنه يرى في هذه الجماعة بحكم انتسابها للإسلام أنها المنقذ للكثير من المساوئ التي يعيشها الوطن العربي جراء الحكم الليبرالي ذي الاتجاه الأحادي الذي ساد فترة من الزمن ولم يُحقق مردوداً إيجابياً تتلمسه الشعوب في معيشتها اليومية ، وثانيهما أن هذا المُتّبِع يؤمن بإملاءات المُرشد الذي لا يأتيه الباطل من دونه ولا من خلفه ، وما يدري من اعتنق التوجه الأول أن هذه الجماعة لا يعدو انتسابها للإسلام أن يكون غطاءً تستظل به وتستدر من خلاله عاطفة العامة لمعرفتهم التامة بأن أيمَّا ارتباط بالإسلام فهو الحق وما سواه فهو الباطل ، فهذا من حيث المبدأ قمة الفهم ، بينما الحقيقة الغائبة عن أولئك المُغرَّر بهم هي أن أسلمة الجماعة حركية أكثر من أن تكون عضوية ، أما من آمن بالتوجه الثاني فقد تغلغلت التبعية العمياء في ذاته ، وعطَّل نعمة التفكير وأصبح يُدار بالريموت كنترول من غرفة التحكم والسيطرة التابعة لمشيخة المُرشد ، مما يعني أننا أمام إعادة إنتاج ولاية الفقيه ولكن بصورة سُنية لا عقيدة شيعية .
لقد تكشفت خبايا هذا الفكر المُتشدد داخلياً متمثلاً في ممارسة آفة الإقصاء لكل ما هو قائم – على اعتبار أنه مُنكر يجب إزالته – متجاهلين أن التعددية والتنوع هما أساس الإصلاح ، وغيابهما أدى إلى قيام الثورة التي لم تخدم أحداً مثل ما خدمت هذه الجماعة التي جاءت بهم من المعتقلات إلى سُدة الحكم في غفلة من الوعي الجمعي ، واشتد عُوْدَها الخارجي عن طريق عقد التحالفات في دهاليز الظلام لتمرير أفكارها القائمة على مبدأ فرعون : لا أُريكم إلا ما أرى ، وتلقف أُطروحاتها المُرجفة أقطار سخرت إمكاناتها لكل ما هو مُثير بغض النظر عن تداعياتها المُستقبلية ، مدللة أن هدفها لا يتجاوز بث الفتنة والأخذ بمدلول المثل الشعبي البئيس : خالف تُعرَف ، فهل مثل هذه القناعات السطحية يُمكن أن تُبنى عليها العلاقات السياسية ؟ وهل يعكس الأخذ بها عن احترام للمعاهدات الإقليمية والدولية ؟ أم أن ثمة رؤية مغايرة توصَّل إليها الإخوان وحلفاؤهم الجُدد ترى أن تشكيل المُستقبل السياسي حق مشروع اكتسبته من وصولها للسلطة ؟
إن محور الأخونة بدأ يتشكل بمعزل عن الرؤية الشمولية التي يُفترض أن تكون أساساً ومُنطلقاً لكل ما يتعلق بحاضر ومستقبل العالم الإسلامي ، لا أن تستأثر بعض الدول عن الأخرى بأدوار هي أكبر منها على أرض الواقع ، ولا يُمكن أن تتسنم موقع الريادة فيها لعدم امتلاكها لمهاراتها ، ناهيكم عن النوايا المُضمَرة – في سياقها السلبي – تجاه كل ما من شأنه تغليب المصلحة الشخصية على ربيبتها العامة ، مما يعني أننا أمام مُنعطف خطير في التعاطي مع هذا المُحور الذي يلعب بالنار مع نفسه وضد الآخرين ، الأمر الذي يقودني للتحذير من تبعيات هذا التقارب المشبوه ، وضرورة الحد من امتداده السياسي ، وتغلغله الفكري ، لأن انعكاساته على المدى البعيد ستكون ذات أثر سييء على بُنية المُجتمعات التي ستأخذ الأمور على عواهنها ، بينما « السُم مدسوس في الدسم « – كما هو منطوق المثل .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store