Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

(بدل فاقد).. توجيهٌ لغويّ

(بدل فاقد).. توجيهٌ لغويّ

شاع في الاستعمال اللغويّ المعاصر قولهم (بدل فاقد)، وهي عبارة شبه رسمية ترد في بعض المؤسسات الحكومية، في بعض البلدان العربية للدلالة على وثيقة، أو بطاقة تُستخرج بدلَ مفقودٍ، ويكتبون عليها (بدل فاقد)

A A

شاع في الاستعمال اللغويّ المعاصر قولهم (بدل فاقد)، وهي عبارة شبه رسمية ترد في بعض المؤسسات الحكومية، في بعض البلدان العربية للدلالة على وثيقة، أو بطاقة تُستخرج بدلَ مفقودٍ، ويكتبون عليها (بدل فاقد)؛ ولهذا الاستعمال في التصويب اللغوي وجهان: وجهُ قبولٍ، ووجهُ رفض، ولذا يختلف في أمره أهل اللغة، بين قابل ورافض.. وفيما يأتي خلاصة الوجهين، في ضوء السماع والقياس:
أولاً: توجيه الرفض:
يرى أصحاب هذا الرأي، أن التركيب الصرفي لكلمة (فاقد) لا يطابق المعنى المراد؛ لأن الشيء مفقودٌ، وليس فاقدًا، فهو من قولهم: فُقِد الشيءُ فهو مفقود، وليس فاقدًا، أمّا الفاقد فهو صاحب الشيء، الباحث عنه، فيكون البدل للمفقود، وليس لصاحبه الذي فقده، فيكون الصواب أن يُقال: (بدل مفقود)، لا بدل فاقد؛ ويؤيد هذا الوجه:
1- أن الأصل في الصيغة الصرفية أن تأتي على المعنى الذي وضعت له، منعًا للتخليط واللبس، وليس ثمة ما يمنع أن يُقال بدل مفقود حتى يُعدل إلى بدل فاقد!
2- أن هذا الاستعمال -بدل فاقد- مولّد، وينبغي أن يُقاس على أوجه الكلام الذي يصح القياس عليه، وهو أن توضع الصيغ في محلها، وليس للمتأخرين حقّ المخالفة أو القياس على القليل.
ثانيًا: توجيه القبول:
يرى المجيزون أن قولهم: (بدل فاقد) من باب (فاعل بمعنى مفعول)، ومعلوم أن من سَنَن العربية العدول اللغوي في الأبنية، أو التحويل في الصيغ، وقد جاء العدول في صيغ عديدة، وسُمع في ألفاظ متفرقة من القرآن، والحديث، وكلام العرب، وجاء للتوسّع في الكلام والتفنن فيه، أو المشاكلة، أو طلب الخفة، والعرب قد تعبّر بالفاعل عن المفعول، وتعبّر بالمفعول عن الفاعل، وتتوسّع في العدول في صيغ دون صيغ، ولكلٍّ شواهد في كلامهم، رصدها علماء اللغة.
والقدامى مختلفون في توجيه ما جاء معدولاً من باب (مجيء الفاعل بمعنى المفعول)، ولهم فيه مذهبان:
المذهب الأول: أن هذا من باب فاعل بمعنى مفعول، وهو يوافق مذهب الكوفيين، وكثير من البصريين في أمثاله، وممّا جاء منه على هذا التوجيه:
أ ـ ممّا في القرآن:
ومنه قوله سبحانه: ( فهو فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) أي مرضيّ بها، فاعل بمعنى مفعول.
وقوله: (يقولون أإنا لمَرْدُودُونَ في الحافِرَة) قيل: الحافرة بمعنى الأرض المحفورة.
وقوله: (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) أي مدفوق.
ب ـ وممّا في الحديث الشريف والأثر:
ما جاء في كتب غريب الحديث والأثر للحربي والخطابي والزمخشري وابن الأثير عدد من الأحاديث، منها:
حديث العباس -رضي الله عنه-: (ما بال قريش يلقوننا بوجوه قاطب) أي مقطّبة.
ومنه الحديث (لا يزال الشيطان ذاعرًا من المؤمن ما حافظ على الصلوات الخمس) أي مذعورًا.
و(لا رَأْيَ لحازق) أي محزوق، وهو الّذي ضاقَ عليه خُفُّه فحزق قدمه، أي ضغطها.
وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي (كنا بحاضرٍ يمرّ بنا الناس) الحاضر: القوم النـزول على ماء يقيمون به ولا يرحلون عنه. قال الخطابي: ربما جعلوا الحاضر اسمًا للمكان المحضور. يقال نزلنا حاضرَ بني فلان، أي محضورهم، فهو فاعل بمعنى مفعول.
(للحديث صلة)
الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة
تويتر/ sa2626sa@

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store