Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تخفيض إنتاجية وإضعاف تنافسية وطن !!

لا ينقضي عجبي و لا دهشتي مما تقوم بها وزارة العمل من تدخل في قوى سوق العمل وتفصيل نظمه على مقاس طالبي العمل في القطاع الخاص ؛ لسببين أولهما أننا أمة أصلاً متأخرة وضعيفة إنتاجياً وتنافسياً بشكل مروّع ل

A A
لا ينقضي عجبي و لا دهشتي مما تقوم بها وزارة العمل من تدخل في قوى سوق العمل وتفصيل نظمه على مقاس طالبي العمل في القطاع الخاص ؛ لسببين أولهما أننا أمة أصلاً متأخرة وضعيفة إنتاجياً وتنافسياً بشكل مروّع لأسباب اجتماعية واقتصادية و سياسية ، و ثانيهما أن طالبي العمل سيظلون يفضلون العمل الحكومي ويعتبرون القطاع الخاص و الأهلي محطة انتظار ريثما تحين فرصة عمل في الحكومة..
أما ضعف الإنتاجية والرغبة العارمة في الاسترخاء والدعة التي اُبتلي بها مجتمعنا فلا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان كما يقولون ، فقد أثبتته الدراسات التي قدّر بعضها إنتاجية الموظف الحكومي بأقل من نصف ساعة في اليوم -رقم مروّع- ، و يصدقه واقع العمل والإنتاجية في غالبية الجهات الحكومية ، و لعل مثال تغيب الطلاب في هذا الأسبوع الذي يسبق إجازة منتصف الفصل و بتشجيع من المعلمين فيه من الدلالات ما يكفي على تأكيد أننا لا نحتفي بإنتاجية ولا يعنينا الوقت والعمر الذي يمضي من حياتنا و حياة بلدنا وأمتنا دونما عمل و إنتاج يصب في خيرنا ورفاهيتنا ومستقبل أجيالنا ..
وآخر ما نُشر في هذا الصدد كان في عكاظ يوم الأحد الماضي عندما كشفت لجنة الإدارة والموارد البشرية في مجلس الشورى عن إجراء أكثر من 20 تعديلاً في مواد وفقرات نظام العمل ليتماشى مع ما أحيل إلى المجلس بشأن قضية تخفيض ساعات العمل من 48 إلى 40 ومنح العاملين في القطاع الخاص إجازة يومين.
والعجب سيزداد لو أجاز مجلس الشورى الموقر مثل هذه التوصية ، لأن المجلس ينبغي أن يكون صاحب نظرة أكثر شمولية من وزارة العمل التي تعمل تحت ضغط مشكلة البطالة ، وهي مشكلة تظل برغم أهميتها وخطورة نتائجها مشكلة مؤقتة ويمكن تجاوزها إذا تعاملنا مع جذورها وابتعدنا عن معالجة ظاهرها ، وأعني بذلك البُعْد الثقافي والاجتماعي الذي جعلنا وشبابنا أكثر ميلاً للدعة و الراحة وأكثر بعداً عن الانتاجية والتنافسية ..
المعروف أن القطاع الخاص يتمتع بكفاءة وإنتاجية أعلى من القطاع الحكومي وهذا في كل أنحاء العالم ، ولذلك سبقت الدول المتقدمة إلى خصخصة الكثير من خدماتها بما حسّن أداءها و خفّض كلفتها (الإنتاجية هي في النهاية خفض التكلفة) ، بمعنى أننا لا نأتي بجديد عندما نقول هذا وإنما نُذكّر به ليس إلاّ ..
ولكن الملاحظ أن وزارة العمل وبعض الوزارات الأخرى بدلاً من رفع كفاءة القطاع الحكومي ذهبت إلى تخفيض كفاءة وإنتاجية القطاع الخاص من خلال تفصيل واقعنا العملي والانتاجي سلبياً ليناسب مقاس طالبي العمل من أبنائنا و بناتنا ..
فتم وضع حد أدنى للرواتب 3000 ريال ليتماشى مع الحد الأدنى لموظفي الحكومة دون النظر للإنتاجية والتنافسية ، و تم فرض رسوم 2400 ريال على العمالة الوافدة ، والآن الحديث يجري عن خفض ساعات الدوام من 48 إلى 40 ساعة في الأسبوع ، وعن منح يومين إجازة في الأسبوع ، و تمثل هذه القرارات تدخلاً سلبياً في قوى السوق ، وللأسف وفي اتجاه تخفيض الإنتاجية و إضعاف التنافسية على المستوى الوطني ، وهو ما أدى وسيؤدي إلى رفع تكاليف الإنتاج وأسعار السلع والخدمات ، و هناك العديد من الصناعات ستخرج من السوق لأن سوقنا مفتوح أمام المنافسة العالمية ، وهناك مؤسسات ستغلق أبوابها بسبب الخسائر وذلك سيكون في صالح التستر ، لأن في تقديري أن الأقدر على العمل في ظل هذه الضغوط هم المتستر عليهم لأنهم أكثر قدرة على التكيف معها ولديهم الرغبة والقدرة على العمل لساعات أكثر..
قد يقول البعض إن القطاع الخاص استغلالي وأنه يرغب في تشغيل العاملين لساعات طويلة وهذا سبب تمسكه بالوافدين ، ولكن في المقابل علاج هذا لا يكون بتخفيض ساعات العمل الأسبوعية المقررة حسب النظام وإنما بمنع تجاوزها فحسب ..
فيا أعضاء مجلس الشورى الله الله في وطنكم و إنتاجيته وتنافسيته .. و اللهم فاشهد ..
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store