Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مدارسنا المهجورة : عنوان للتسيب التربوي!!

تُعاني مدارسنا هذه الأيام هجراً مُتعمداً من الطلاب الذين اختاروا لأنفسهم إجازة ما أنزل الله بها من سلطان ، ولم تُخوِّل لهم بها الأنظمة التي عجزت عن إجبارهم على العودة إلى مقاعدهم داخل الحُجر الدراسية

A A
تُعاني مدارسنا هذه الأيام هجراً مُتعمداً من الطلاب الذين اختاروا لأنفسهم إجازة ما أنزل الله بها من سلطان ، ولم تُخوِّل لهم بها الأنظمة التي عجزت عن إجبارهم على العودة إلى مقاعدهم داخل الحُجر الدراسية ، في الوقت الذي تحتضن ملفات التربية والتعليم من اللوائح والأنظمة والخطط العلاجية ما إن ورقه لتنوء به العُصبة أولو القوة من التربويين ، ولكن يبدو أنها معدومة الأثر في معالجة مُشكلة بدأت رويداً رويداً وتحولت إلى ظاهرة ساهم في استفحالها إضافة إلى ضعف تطبيق الأنظمة بشكل صارم من قبل الجهات ذات العلاقة عدم اكتراث الأسرة بمستقبل أبنائها ، وذلك من خلال عدم حثهم على الذهاب إلى المدرسة ، والوقوف جنباً إلى جنب مع المدرسة لاستعادة هيبة اليوم الدراسي المُنتهكة في رابعة النهار .
هذا التسيب التربوي يحمل في طياته مؤشراً قوياً على الفساد الإداري الذي بدأ يُطل -وبعين قوية - من نافذة المحاضن التربوية التي يُفترض أن تكون قُدوة لبقية المؤسسات ، وموجه لها في الكثير من سياساتها ، ولكن الواقع لا يعكس – على الإطلاق – احترام هذه المكانة التي حفظها الأقدمون وتخلى عنها المتأخرون ، وإلاَّ ماذا يعني أن يبدأ الطلاب في مغادرة فصولهم قبل حلول إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني بأكثر من أسبوع قبل بدايتها ؟ وما المُستند المنطقي – وليس النظامي – الذي تأسست بناءً عليه هذه الممارسة غير الحضارية لمؤسساتنا التربوية ؟!!
أسئلة تتقافز على قارعة الطريق ، وتداعياتها تتراكم عاماً بعد عام ، ولم يلح في الأُفق ما يعكس أن ثمة حلاً جذرياً لها سيرى النور قريباً ويئدها في مهدها لتُصبح نسياً منسياً ، مُبتعدين - كل البعد - عن التصريحات البراقة التي فقدت قيمتها ، والتقارير الممكيجة المُضلِلَة للواقع المؤلم ، في الوقت الذي يجب الاعتراف بوجود مُشكلة ، والذي أرى أنه الخطوة الأولى في حلها وإيجاد مخارج لمعالجة ما أفسده الإهمال في تطبيق ما نصت عليه اللوائح والأنظمة ، والمتمثلة - على سبيل المثال لا الحصر - في لائحة السلوك والمواظبة التي بُذل في إعدادها جهد ووقت كبيران ، ولكن تفعيلها بقي يراوح مكانه ، وإن فُعلِّت فهي بشكل صوري أثناء العام الدراسي ولكن في نهاية العام يقوم المسئولون في المدارس بتعديلها ومنح الطلاب درجات السلوك والمواظبة كاملة تحت ذريعة عدم الوقوف في مُستقبل أبنائنا ، ولم يدر في خلدهم بفعلتهم هذه أنهم يساهمون في إحداث الترهل التربوي والسلوكي للأجيال ، ويُثبتون لهم عدم مصداقيتهم ، مما يؤدي إلى تولُّد ثقافة سلبية تتواتر لديهم جيلاً بعد جيل .
إن الحزم في الحقل التربوي وردّ الاعتبار لمكونات العملية التربوية بدءاً من المعلم مروراً بتنظيماتها وانتهاءً باحترام كينونة المدرسة أضحى أمراً لا يقبل التسويف والمماطلة مهما كانت الذرائع التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع ، فالهم مُشترك ، والأجيال تحتاج إلى ضبط يُدربها من خلاله على احترام الذات أولاً ، واحترام التنظيم المعمول به ثانياً ؛ وذلك بهدف إعدادهم لمعترك الحياة وهم متسلحون بقيم الالتزام لا بآفة التسيب ، وهذا لن يتأتى إلا بجعل كل التنظيمات المكتوبة واقعاً يشعر به الطالب ، وترى أثره أسرته في المُجتمع ، ولا ضير في أن يكون هناك فئات يُضحى بها خدمة للمصلحة العامة ؛ لأنها أبت على نفسها الإصلاح وآن لها أن تكون كذلك حتى تكون عبرة وعظة لغيرها ، عندها – فقط – نستطيع أن نقول : إننا وضعنا أول خطوة على الطريق الصحيح .

Zaer21@gmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store