Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

السياسة في الله!!

بعد الربيع العربي، دخل التيار الإسلامي التجربة السياسية من أوسع أبوابها.

A A
بعد الربيع العربي، دخل التيار الإسلامي التجربة السياسية من أوسع أبوابها. وتفتحت الأعين للوصول إلى كرسي الحكم، بعد أن كان مجرد الدخول إلى تخوم هذه الساحة يعدُّ دخولا في معركة نجاحها يعتمد على الجرّاح الماهر، ومنحة تقدمها السلطة الحاكمة، مع تزوير فاضح لتحجيم أي تمدد قد يطمح إليه المنتمون إلى التيار الإسلامي.
وبعد الربيع الذي سمح للجميع أن يدخلوا في بستانه، ويقطفوا من ورده، وفي فترة الرئاسة انقلب السحر على الساحر.. (فولي الأمر سابقًا) الذي قتل وسحل، وضرب وسجن، وجَد له بعض الإسلاميين حينها نصوصًا شرعية، ومقطوعات علمية، مآلها (المصلحة الواسعة والمطّاطة) في التعامل معه، والرضا بحكمه طالما صلى مرة أمام الشاشة، ولو جلد الظهر، ولو أخذ المال والممتلكات!.
وفجأة تحول الربيع إلى خريف؛ ليمتد مع مواقع التواصل وزمن العولمة إلى فصل الشتاء؛ حيث تُقصف كل الزهور الجميلة، وتُنسف كل الأشعار الحالمة، وتغوص الأرجل في وحول الطين!.
في هذا الجو صارت الشرعية المنتخبة ملعبًا لتصفية الحسابات القديمة والجديدة، والإنكار عليه علنًا في قضايا صغيرة وشخصية أمام الفتيات كاشفات الشعر والسحر والنحر، مجلجلين للصدع بالحق، معلنين: (وأن نقول بالحق لا نخشى في الله لومة لائم)، مع عدم الامتناع عن إعادة المناقشة لأحاديث ضرب الظهر وأخذ المال، والسمع والطاعة ما صلّوا، وما لم تروا كفرا بواح.
وهذه النتيجة هي من الفقه عندهم، وتغير النوازل، ومن باب (السياسة في الله!!).
فكما أن الحب في الله يقتضي التعاون، ونصرة المظلوم، وكما أن البغض في الله يقتضي مواجهة الظالم والتحذير منه، فإن (السياسة في الله) تقتضي البحث عما يرون فيه المصلحة، مع استحضار نصوص شرعية، واستخراج أقوال من نسخ المطبوعات الهندية الحجرية!.
إنه عصر لن يوافق فيه هؤلاء على كلمة التعاون في الله، وأن تحسن الظن في أخيك..!.
بل (السياسة في الله) تقتضي عندهم التحالف مع الجن الأزرق، طالما وجد النص الذي لم يُقرأ سابقًا، ووجد الفهم الذي يفسر لاحقًا!!.
(السياسة في الله) هذه المرة التي تعني إلغاء مرحلة كاملة بمجلداتها وخطبها واقتباساتها، وساحات نقلها، لتتحول لنصوص جديدة وأفهام جديدة، ومصالح جديدة، يعتبر فيها السكوت عن الصغيرة بوابة للكبيرة، والسكوت عن النصيحة خيانة للحقيقة!!.
ثم لا ننسى أن (السياسة في الله) هي من القسم الآخر السياسي الذي ينتظر إشارة القسم الآخر الشرعي!!.
وبعد، فما أعجب الازدواجية العمياء، وما أقبح التلاعب في الضياء.
ثم ليعلم الجميع أنني أعني بوضوح من يلعب هذه اللعبة، وسيلعبها في القريب في أماكن أخرى، لكل الفصائل الإسلامية أيا كان اسمها وخطتها.
وأبرأ إلى الله من وسم فصيل كامل، فالانقسامات والانفصالات ما حصلت إلا من المسافة الكبيرة بين التنظير والتطبيق، والخوف من المراجعة والتصحيح، والتمرد باسم الدين!!.
وفوق ذلك فليعلم الجميع أنه لا عصمة لفئة إسلامية مختارة، ولا مكانة في السياسة لتاريخ طائفة أيا كانت إذا حادت عن الحق والعدل، وطغت واستبدت.
ولكن المشية العرجاء، والازدواجية الجوفاء، ما عادت تتقبلها أجيال حاضرة، كما لم تعد تقنعها مواعظ (الحب في الله) و(البغض في الله) تحت غطاء (السياسة في الله)!!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store