Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وردك يا “مُستثمر” مكان الورد

يُفتتح في مدينة الورد – الطائف – خلال هذه الأيام مهرجانها السنوي المُخصص لإبراز جانب من جوانب هذه المدينة الحالمة – تاريخياً وآنيِّاً – وهو الورد الذي اُشتهرت به حتى انتسبت إليه ، وأضحت مُرتبطة به ارت

A A
يُفتتح في مدينة الورد – الطائف – خلال هذه الأيام مهرجانها السنوي المُخصص لإبراز جانب من جوانب هذه المدينة الحالمة – تاريخياً وآنيِّاً – وهو الورد الذي اُشتهرت به حتى انتسبت إليه ، وأضحت مُرتبطة به ارتباط الصفة بالموصوف ، وهي – لعمري – جديرة بهذا الوصف لاعتبارات لا تخفى على زوارها بل عن من سمع عنها .
ولكن يبدو أن ثمة ما يُعكِّر صفو مثل هذه المهرجانات ، وعلى مَنْ ؟ على أهل مدينة الورد الذين ينتظرون مهرجان مدينتهم من السنة إلى السنة ، ويتفاجأون بأن هذا المهرجان ليس الهدف منه إبراز مدينتهم كمُنتِج له ، بقدر ما هو استدرار للجيوب ، ومشروع استثماري دُرِست جدواه الاقتصادية ، وتقاسمت كعكته الجهات ذات العلاقة بتنظيمه ؛ مما سبب موجة من عدم الرضا على السياسة التي حِيكت لتنظيمه ، والآلية التي ستُدار بها في التنفيذ ، وإلا ما معنى أن تُفرض رسوم على زوار المهرجان ؟ وهل المُبرر الذي ذكره مُستثمر المكان بأن الرسوم المفروضة مُخصصة لممارسة الألعاب الكهربائية ؟ وهل يعتقد هذا المُستثمر أن المجتمع سطحي للدرجة التي يقتنع بهذا الكلام غير المسئول ؟
أسئلة تتقافز في ذهن كل من يرغب في استنشاق شذا الورد ، ويستمتع بالنظر إلى ألوانه الزاهية ، ويستثير وجدانه بذكرى تليدة أو يُعزز من خلاله تجربة حديثة ، ولكن تتعاظم الحسرة عندما تُشوه هذه الأمنيات بحفنة من الريالات تُفرَض عنوة على زائري المهرجان ، تحت ذريعة « لابد أن يستفيد المُستثمر « على حد تعبير المدير التنفيذي لجهاز الهيئة العامة للسياحة والآثار بالطائف أمين مجلس التنمية السياحية في المحافظة طارق خان ، وأوردته صحيفة الوطن بتاريخ 18 / 3 / 2013 ، الأمر الذي يؤكد أن الجهة المُنظمة هي التي تتبنى فرض هذه الرسوم وتوفِّر غطاء نظاميا للمُستثمر يُمارس من خلاله زيادة الغلة على حساب الرغبة الجامحة لمُحبي الورد الراغبين في إشباع أعينهم بمنظره الخلاَّب ، وتدريب صغارهم على ثقافة الورد التي هي جزءٌ لا يتجزأ من ثقافة مدينتهم ، ناهيكم عن اقتناص الفرصة لتبادل الهدايا لإذابة تكلُّس الحياة المتنامي في أوردة القلوب .
هذا الإجراء يجعلني أُعيد المُطالبة بفتح ملف السياحة في الطائف الذي تحدثت عنه في أطروحات سابقة ، وناديت من خلالها إعادة النظر في الكثير من آليات العمل المُطبقة ؛ إضافة إلى الكثير من القائمين على تنفيذها ، والتي أفرزت تداعياتها السلبية ردود الأفعال غير الراضية عن الخدمات التي تُقدَّم خلال فترة الصيف من الأجهزة المُشرفة على تنفيذ أجندة العمل السياحي بدءاً من أسعار الشقق المفروشة وتدني مستوى النظافة فيها ، مروراً بفرض رسوم على دخول الحدائق المُسْتَثمَرة من رجال الأعمال والتي تتعارض مع التوجيهات القاضية بعدم أخذ رسوم من المواطنين عند رغبتهم في التمتع بهذه المتنزهات ، وانتهاءً بتدني الاهتمام بالمرافق التي تُشرف عليها أمانة الطائف في الحدائق العامة والتي لم تَطلْها – بعد – يد الاستثمار ، ولا أنسى الفعاليات المُصاحبة ذات السمة الكلاسيكية التي تُعيد إنتاجها في كل عام .
كل ما أتمناه أن يُستدرك – حاليِّاً – عدم فرض رسوم على زائري مهرجان هذا العام والذي سيفتتحه أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل خلال جولته التفقدية للطائف والتي بدأها أمس ، وهو الوحيد الذي يستطيع اتخاذ مثل هذا القرار المُعَبِّر عن رغبة كل مُحبي الورد ؛ ليكون مزاراً للقادر وغير القادر مادياً ، فبعض الأسر عددها كثير وتُمثِّل تذكرة الدخول لرب الاسرة مُشكلة تحرمه وتحرم عائلته من حضور هذا المهرجان الوردي الباذخ ، ومُستقبلاً لماذا لا نخرج من هذا الجدل السنوي بإقامة هذا المهرجان في المتنزهات العامة مثل سيسد والملك عبد العزيز المجاور لمبنى الأمانة أو حتى في الردف بعد إعادة تأهيله ؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store