Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل مال المال أم استقام الحال؟

الحمد لله الذي أنزل لنا شريعة متكاملة تحكم تفاصيل الحياة وتدل على طريق الآخرة. في الحياة الدنيا لم تترك لنا أمراً من أمورنا إلا وبينت حلاله من حرامه, وفصّل الفقهاء مستحبة ومكروهة ومرسلة.

A A
الحمد لله الذي أنزل لنا شريعة متكاملة تحكم تفاصيل الحياة وتدل على طريق الآخرة. في الحياة الدنيا لم تترك لنا أمراً من أمورنا إلا وبينت حلاله من حرامه, وفصّل الفقهاء مستحبة ومكروهة ومرسلة.
ومن مميزات هذه الشريعة أن حكم الواقعة الواحدة هو حكم واحد إن تساوت الظروف. فزكاة الغني في مكة مثل زكاة الغني في بلاد الهند سواء بسواء، وركعتا الضحى تسن للقادر في مراكش كسنيتها للقادر في أسطنبول.
بعد هذه المقدمة أقول إن فترة السبعينات الميلادية شهدت بدايات متواضعة لفكرة تحويل العمل البنكي حتى لا يتطابق مع مفهوم الفائدة على القروض حتى يخرج من الربا. والأمر ببساطة هو إيجاد شكل معاملة مقبول إسلامياً لإسقاط مفهوم القرض الذي يجر منفعة للمقترض.
لم يجد الفقهاء العصريون ومعهم الآلاف من أساتذة الاقتصاد في العالم الإسلامي مفهوماً جديداً للقرض بل هي كلها محاولات للسير حول مفهوم الفائدة المباشرة للمال. وقد يعذرون في تلك البدايات بأنها طريقة للبدء إلى أن تتطور نظرية جديدة للتمويل لا تحمل ربا وتحقق مصالح مقرض المال ومقترضه. لكن بعد مرور نصف قرن مازلنا نواجه نفس المشكلة وبنفس أسلوب الالتفاف عليها. وهذا أمر مؤلم فعلاً لكل مهتم بالعمل الإسلامي, ويقيني أن الله قد جعل لنا حلاً وما على علمائنا واقتصاديينا إلا الوصول إليه.
الملاحظ أن مؤسسات التمويل في سعيها لإيجاد البدائل فإنها تستعين بفقهاء معروفين لدى البنك ومعروفين لدى العامة. معروفون للبنوك بتمكنهم ورسوخ قدمهم وقدرتهم على البحث في البدائل وإسقاط غير المعروف على المألوف, وهم كذلك فقهاء معروفون لدى عامة المسلمين بنزاهتهم، وذلك لإقناع العملاء بحليّة الآلية المالية المستخدمة. لذا تجد إعلانات كل بنك عن أي تمويل تجده مختوماً بختم متوافق مع الشريعة الإسلامية ومرفق قرار اللجنة الشرعية متوجاً بتواقيع أعضاء اللجنة.
وحيث أن العمل الواحد له حكم واحد إن تساوت ظروفه كما ذكرت في المقدمة فلماذا كل بنك لديه لجنته الشرعية الخاصة؟. أليس الحلال حلالاً للجميع والحرام حراماً للجميع؟
التورق, إن كان حلالاً للبنك العربي الوطني فلا شك أنه حلال كذلك للبنك الفرنسي وإن كان الإيجار المنتهي بالتمليك ليس عقدين في عقد لدى الأهلي فهو كذلك لدى مصرف الراجحي. لذا أفضل وأوفر وآمن أن تكون لجنة واحدة لدى مؤسسة النقد تبين الحلال والحرام للعمل نفسه وليس للبنك ذاته.
وليت اللجنة هذه تمد نشاطها لتظهر الحلال والحرام ليس في التمويل بل في المال، فتبحث أين هو، ويمتد أثرها لتنظر هل قامت البنوك الإسلامية بأعمالها الإسلامية بتحقيق الأهداف الإسلامية من المال. هل حققت الاستخلاف في الأرض وإعمارها أم ساعدت على اكتناز الأموال وادخارها. وهل الإقراض لشراء أسهم هو أمر يتوافق مع أهداف الشريعة. وهل عشرة آلاف مليار ريال قروض استهلاكية برقبة المواطنين وكلها مختومة بأنها متوافقة مع الشريعة, هل تلك هي آلية الشريعة أم هدف الشريعة؟. وليتها كذلك تطّلع ولو من باب الفضول إلى فضول بعض المدخرات في البنوك لمعرفة من أين تراكمت. وتتم لنا النعم لو فسرت لنا عبارة (كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) وتنزلها منزلها في عمل البنوك. ثم لتنظر إلى أهداف إيجاد الحلول التمويلية الإسلامية هل حققت مصالح المقترض أم مصالح البنك المقرض؟ أي باختصار فلتنظر للتعريف هل هو التورق أم التورط.

Jamil@farsijewelry.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store