Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جمود القيادات الإدارية

يبدو أن حتمية التغيير المُتفق عليها في أدبيات الإدارة بدأت في طريقها للزوال من فكر بعض المؤسسات والأجهزة الحكومية ؛ لأنها ارتهنت لسمة الجمود في المستوى الأول المسئول عن إحداث التغيير في أي موقع ألا وه

A A
يبدو أن حتمية التغيير المُتفق عليها في أدبيات الإدارة بدأت في طريقها للزوال من فكر بعض المؤسسات والأجهزة الحكومية ؛ لأنها ارتهنت لسمة الجمود في المستوى الأول المسئول عن إحداث التغيير في أي موقع ألا وهو قائد المؤسسة أو الجهاز ، فالملاحظ ديمومة الأشخاص عقوداً طويلة في مراكزهم الوظيفية مما ينعكس سلباً على مستوى الأداء وبالتالي تدني الإنتاجية التي هي المُخرج النهائي لأي بيئة عمل ، وتتواصل سلسلة الجمود لتشمل في معيِّتها قيادات المستوى الثاني في الهيكلة الإدارية لقناعة الرئيس بأن التغيير - قد - يُسبب له صداعاً نتيجة نفوذ البعض وقوة اتصالاته مع الجهات العُليا لدى مرجعيتهم الإدارية ، أو أن هذا القائد لا يملك من القوة الذاتية المتمثلة في طرح الأفكار الإبداعية ما يُمكِّنه من الوصول لإزاحة المُعطلين لرؤيته التطويرية ، فالكثير عندما يتسلمون دفة العمل في أي موقع يُبقي على الكادر الإداري السابق بالكامل دون أن يقوم – هو – بتقييم الواقع وقراءة إمكانات الطاقات البشرية المتواجدة تحت إدارته بشكل جيد بهدف توظيفها والاستفادة منها في المجالات التي يجدون أنفسهم فيها .
هذا الجمود – للأسف – أصبح جزءاً من ثقافة مُجتمعنا ؛ حتى ليُخيَّل أن المركز الإداري وُجِدَ لهذا الشخص وليس وظيفة عامة تُؤدَّى لخدمة كافة شرائح المواطنين ، الأمر الذي يقودني للتنبيه بأن الاستمرار على هذا النهج سيؤدي – أيضاً – إلى قتل الكوادر البشرية التي ترى في نفسها القدرة على العطاء جرَّاء شخصنة المناصب ، وعدم إعطاء الكوادر الشابة الفرصة لتفريغ طاقاتها الكامنة ، ونقل معرفتها الضمنية إلى واقع تجني ثمرته المؤسسة والمُجتمع المُستهَدف من خدماتها ، ولكن شيئاً من هذا لا يزال بمنأى عن الواقع المُعاش بالشكل الذي يجعلني أتفاءل بأن ثمة تغييراً في الفكر والمنهج يُحرِّك الساكن ، ويضخ الدماء الشابة في شرايين المؤسسات والأجهزة الحكومية ؛ لقناعتي بأن لكل زمن رجالاً يعون أهمية المرحلة ، ويستطيعون التعامل مع آليِّات عصرهم بشيء من الاحترافية التي لا تتوافر في غيرهم – مع تقديرنا – لما قدمه السابقون من خدمات يُشكرون عليها ، ويستحقون التكريم بناءً على ذلك .
إن توافر البيئة المُهيئِة للتغيير المُرتقب – وبشكل دوري – يمنح مساحة مُحفِّزة للقادة بأن تتولَّد لديهم قناعة ذاتية بأن الوقت الممنوح لهم مُحدد ولابد من استثماره في اثبات أنهم أكفاء لهذا المكان ، وأنهم لا محالة سيسلِّمون الراية بعد فترة لا تتجاوز أربع سنوات على أبعد مدى ، بحيث يعطون خلال فترة تكليفهم أقصى ما لديهم ؛ مما يعني أن التغيير سيتدفق في شرايين بيئة العمل ويدفع بها للنماء والتطور المؤديين لتحقيق الأهداف المنشودة .
هذا لا يعني أن نتجاهل القوى التي تتشكل داخل الأجهزة بهدف مقاومة التغيير ، بل يجب أن نفترض وجودها قبل أن نبدأ في عملية التغيير الفعلية ، ونعمل على كيفية تحييدها في البداية لكي لا تؤثر على الجو العام للتغيير ، ثم يبدأ القائد في معالجة وضعها بشكل فردي عن طريق معرفة الدوافع والمُسببات التي جعلتهم يناصبونه المقاومة ، فكم من مقاومة – بفعل مهارة القائد – تحولت إلى عامل بناء بعد أن كانت معول هدم ، لذا لا بد من التعامل مع الجميع وفق منظور واحد لا يقبل التشكيك في النوايا ، بقدر ما يتحرى العدل بين الجميع إلا من أبى على نفسه ، عندها لا بد من ردعه بالطرق النظامية المُتمثلة في تطبيق القانون المُتبع ، لكي يعود إلى رشده فما لايزع بالقرآن يزع بالسلطان .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store