Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

إلى الساكن في القلوب .. نايف بن عبدالعزيز

رحمك الله يا نايف بن عبدالعزيز، الإنسان الحصيف الحكيم، صاحب القلب الكبير والعطاء العظيم، فقد خدمت دينك ووطنك ومواطنيك، نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحداً.

A A
رحمك الله يا نايف بن عبدالعزيز، الإنسان الحصيف الحكيم، صاحب القلب الكبير والعطاء العظيم، فقد خدمت دينك ووطنك ومواطنيك، نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحداً. وها هو الزمن يدور ونقترب بعد أيَّام من مرور سنة على وفاتك، في يوم بكتك الأرامل والضعفاء والمساكين، إضافةً إلى من عرف نُبلك وإنسانيتك ومواقفك العادلة مع الجميع، حتى عمّقت حبك في القلوب، فكان يوم وفاتك يوماً محزناً لأهل الدين والصدق والإخلاص، مُفرحاً لأهل البدعة والتحلُّل والضلال. لقد أمضيتَ أربعين عاماً -تقريباً- تخدم الأمن وتطوّره وتُحافظ -بعونٍ من الله- على أمن الحجاج والمعتمرين، وتُسهم في أن يتعبَّدوا ربهم ويؤدّوا مناسكهم بيسر وسهولة، وأنت يقظ تعمل بجد وإخلاص، وأمن الوطن هو هاجسك، فعاش فيه المواطن يُنمِّي تجارته ويبني عُمرانه، ويُعلِّم أولاده ويُؤدِّي صلواته، وليستقطب هذا الوطن بأمنه وأمانه ملايين المقيمين، الذين وجدوا فيه ضالتهم ليعيشوا فيه، وليساعدوا أسرهم في بلدانهم، فمن جاء لا يريد العودة إلى بلده، بل يحرص على البقاء والاستقرار، وإحضار بقية أسرته للعيش في وطن أنت من تقود فيه الأمن، مستلهماً تَوجُّهَات والدك الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وإخوانك الملوك من بعده. ولقد منحني الله شرفاً عظيماً أن أعمل معك أربعة عشر عاماً تقريباً، هي أجمل فترات عمري، مُتوِّجاً تجربتي المتواضعة في الإعلام والتربية بالنّهل من مدرستك الأمنية، فتشرَّفتُ بحضور لقاءاتك مع الأكاديميين ورجال الإعلام والفكر والثقافة، وعلماء الوطن وعلماء العالم العربي والإسلامي، والسياسيين من مختلف دول العالم، ورجال الاقتصاد والمال والأعمال، ومع الشباب، فكان الدين حاضراً في حديثك، وكان المواطن وسعادته ورفاهيته هو هدفك. فكنتَ مُتحدِّثاً واثقاً، قلبك مفتوح، ومكتبك مشرع للمراجعين، وتحرص على مجلسك الأسبوعي للمواطنين، تقرأ طلباتهم بحرص، وتتجاوب مع مشكلاتهم، وتفرّج عن كرباتهم بعونٍ من الله، إضافةً إلى مقابلاتك اليومية للجميع، حيث ما أسهل أن يُصافحك الناس فتقابلهم بقلب عطوف، وتقف بعدلٍ مع المظلوم، وتجود بمالك وجاهك ومكانتك من أجل سعادة الآخرين.
رحمك الله يا نايف بن عبدالعزيز.. فقد كنتَ الوالد والحنون والنبيل مع أبناء وطنك فأحبّوك.. قابلتهم بالعطاء والبذل حتى تركت الأمن في أفضل حالاته، من تدريب وإعداد وتجهيزات، وبقيت مدرستك وحكمتك في حل المعضلات طريق يُحتذى، بداية بفتنة الحرم المكي الشريف ومروراً بأحداث الحج المختلفة التي غذّتها الطائفية البغيضة، أو أحداث الإرهاب المختلفة، وحربك على الجريمة والمخدرات والفكر الدخيل، حيث كنتَ أسد السنّة وخادم العقيدة، وناصر المرأة المحافظ عليها من التغريب والتحلل والتفسخ.
لقد ودّعناك مسافراً لفحوصاتٍ خرجت بعدها وأنت تُبشّرنا بعودة قريبة، ثم قدَّر الله وما شاء فعل. ولازال الجميع يتذكّرون كلماتك وتصريحاتك، وأحاديثك وحواراتك، تنصت وتقرأ وتتحدث حديث الثقة والحكمة والمنطق، فيشاهدك الجميع في وسائل الإعلام، ويشعرون بقيادتك وحضورك ومكانتك الطيبة في نفوسهم. وقد كنت تحمل قلباً يُقدِّم الخير والتسامح والعفو انطلاقاً من قول الشاعر:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب
ولا ينال العلا من طبعه الغضب
فكان هذا سبب بكاء الناس عليك، وشعورهم بضخامة الفقد، ومرارة الحدث، والحزن الكبير على فراقك. وبحمد الله كان سندك الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائبك لسنواتٍ طويلة يسير على نهجك، وها هو ابنك وتربيتك وخرِّيج مدرستك الأمير محمد بن نايف يواصل خدمة الأمن بكل إخلاص ووطنية، حيث محاربة الإرهاب والمخدرات والحزم في تنظيم العمالة المخالفة وتصحيح أوضاعها، والنجاح في إيقاف المتسللين عبر الحدود، والشدّة في الوقوف ضد تصرفات بعض الشباب ومن يُسمّون بـ"الدرباوية"، حتى تم إيقافهم عند حدّهم، وتطوير نظام البصمة، والخدمات الإلكترونية في أعمال وزارة الداخلية، مما يُبشِّر بخطواتٍ أفضل وأجود للتسهيل على المراجعين وخدمتهم. فالدعاء إلى الله أن يسكنك أيها الأمير نايف بن عبدالعزيز فسيح جناته، وستظل القلوب تنظر إلى بساطة منزلك وأسلوب حياتك البعيد عن المبالغة، يعرفها من تشرّف بالقرب منك، أو من أكرمته بدخول منزلك أو دخلت منزله، حيث التواضع والحب وحسن التعامل، والحلم والعمق والحكمة؛ التي وهبها الله لك، فكنت المواطن الذي عمل لخدمة دينه ثم مليكه ووطنه.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store