Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كتابات الصيف (2)

وصلتُ إلى المبنى المنشود، أسرعت الخطى، أسابق عقارب الساعة، تأخّر المصعد، ولا أدري لماذا يتأخر المستعجلون دومًا..

A A
وصلتُ إلى المبنى المنشود، أسرعت الخطى، أسابق عقارب الساعة، تأخّر المصعد، ولا أدري لماذا يتأخر المستعجلون دومًا.. فتح باب المصعد، خرج بضعة نفر تكسو وجوههم علامات الترقب، وكل يفتح مظروف التأشيرة بعد جهد أسابيع من البيانات والصور «المكشوفة الرأس»!، وكأنه طالب ينتظر نتيجته، وأكثرهم تظهر عليه سعادة يجاهد لإخفائها؛ ولسان حاله: ليت قومي يعلمون!
وصلتُ أمام موظف الأمن الذي صعقني وقال: «عفوًا.. الموعد فات عليه عشر دقائق، آسف»، هكذا بمنتهى البساطة.. وكنتُ أعلم أن أقرب موعد بعد شهر، والسفر بعد عشر أيام، وأحفاد تشيرتشل لا تصلح معهم نظرية «تعرف أحد» وأخواتها!، ثم قيل لي أن هناك حلاً أن أدفع مبلغ «س» من الريالات لموعد «خارج الوقت» أو «س × ٢» لموعد «كبار الشخصيات»! حقّاً إنها كلمة تستحق التأمل.
غريبة هي الدنيا.. دائمًا ما تترك نافذة أمل للمقتدرين والأثرياء، دون البسطاء، وإلاَّ فكيف نُفسِّر انقطاع الكهرباء في «البرازيل» عن الأرملة، فيما الأثرياء ينعمون بها وهم عن الدفع ممتنعون؟!!
ما علينا، بدأت ألوم نفسي الأمّارة بالسوء، بعدما أدخلتني في هذه المتاهة، والتي في المقابل وفي حوارٍ داخلي ذكّرتني بآدميتي؛ التي تستحق تلك الوجبة، ومعها تذكّرت طعم الشطيرة، فهوّنت عليَّ دفع المبلغ وقلت: فليذهب إلى الجحيم!
دخلتُ إلى صالة مهيبة، ممتلئةٍ عن بكرةِ أبيها بأناسٍ من كافة الأعمار كأن على رؤوسهم الطير، يفعلون ما يُؤمرون، وتساءلتُ في داخلي: من منكم دعا في رمضان الماضي على هؤلاء بأن تشبع الطير من رؤوسهم، وهو يقف اليوم ببابهم؟!
وبعدما فرغت من قراءة صحيفتي المفضلة، وصحيفتين أخريين، وختمتُ كِتَابًا كنت قد بدأته، جاء دوري، وسرعان ما انتهيت، أخذت السلم هذه المرة وليتني لم أفعل، فقد كان غرفة مدخنين لشبابنا المبتعثين المستجدين!
ركبت السيارة، فوجدت كيس الطعام الذي تملأ رائحته المكان، فحمدتُ «الملك المنَّان» على أنه لم يفت الوقت لأخفي البرهان! فأنا لا أريد أن ترى زوجتي أثرًا لما بدر مني في لحظة ضعف.. ولي من الأسباب ألف.. منها: أنني قلت إنني سآكل في المنزل، وهناك قطعة لحم تنتظرني، والنساء لا يحببن تغيير الجدول في اللحظة الأخيرة!
والثانية أنها وجبة غير صحية، وقد نُهيتُ عن أكلها، والثالثة أنني لم أحضر لها منها، وفي ذلك دلالة على عدم الاهتمام والإهمال.. فأطلَّت عليَّ نفسي مرة أخرى قائلة لي: تبتغي مرضاة أزواجك؟ فتذكَّرتُ أن الله غفورٌ رحيمٌ، وعُدتُ أدراجي من حيثُ أتيت، وكأن شيئًا لم يكن.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store