احتمال توسع الحرب

أشار أكثر من مراقب إلى محاولات الحكومة السورية المتكررة تصدير أزمتها إلى لبنان. وبالرغم من فشلها في إحداث انفجار حقيقي يقود إلى حرب أهلية جديدة في هذا البلد، فهي قد نجحت مع ذلك في إثارة عدد من أحداث العنف منذ تلك الاشتباكات بين السنة والعلويين التي وقعت في طرابلس خلال الصيف الماضي، واضطرت الجيش اللبناني إلى التدخل لوقف القتال.
هناك اليوم في لبنان توقعات وتوجسات، خاصة بعد تصريحات نصر الله التي تجعل حزب الله شريكا رسميا لبشار الأسد في محاربة شعب سوريا.
لقد بدأ تآكل سلطة “حزب الله” باعتقال الوزير السابق وحليف الأسد ميشال سماحة لحيازته متفجرات كان من المقرر استخدامها في شمال لبنان، ووجهت السلطات اللبنانية الاتهام لسماحة ورئيس المخابرات السورية علي مملوك بالتآمر لتنفيذ هجمات إرهابية واغتيالات لشخصيات سياسية ودينية في لبنان. في حين لم يجرؤ أي من حلفاء سوريا في لبنان على الدفاع عن سماحة، فإن ردة الفعل جاءت من الشارع اللبناني بعد عدة أيام من الاعتقال، حين أقدمت عائلة على سلسلة من عمليات الخطف لمواطنين سوريين ردًا على اختطاف أحد أفرادها في سوريا، وأغلقت طريق مطار بيروت.
ولعل البعض يتصورون سيناريو مظلمًا نرى فيه حزب الله، بعد تأكده من أن الأسد انتهى فعلا، ينجر إلى أعمال عنف داخل لبنان لتعزيز سيطرته ودرء التهديدات الداخلية. وهذا السيناريو يصبح أكثر احتمالا في حالة تبين لبعض التنظيمات السنّية أن الفرصة غدت مواتية لضرب حزب الله وإضعافه. ليس من السهل أن نتصور عواقب التوترات بين الشيعة والسنة في لبنان، على الرغم من أن التاريخ الحديث للبلد يذكرنا بالحرب الأهلية الطويلة.
إن توسع الحرب على أسس طائفية في كل من سوريا ولبنان يمكن أن يصبح أحلك الاحتمالات. إن عواقب التدخل الإيراني المتواصل في هذه الأزمة -من خلال حزب الله- يصعب حصرها، إذا كان علينا أن نتذكر في نفس الوقت، أن سوريا أصبحت ساحة معركة بالنسبة لعدّة مجموعات سنيّة.
ولكن مع وجود بعض التقارير التي تشير إلى أن الجيش اللبناني حصل أخيرًا على غطاء سياسي للتصدي لـ”حزب الله” وحلفائه ووضع حد لسطوته، إذا بدا أن الأزمة السورية ستخلف عواقب مأساوية في لبنان، يبقى السؤال: إلى أي مدى يعتبر هذا خبرا صحيحا؟!