Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل سيخترعون العجلة مجدداً؟

عندما انتهى الحكم الشيوعي في بلدان أوروبا الوسطى والشرقية، فتحت الأبواب على مصراعيها للأحزاب من مختلف الأنواع والتوجهات.

A A

عندما انتهى الحكم الشيوعي في بلدان أوروبا الوسطى والشرقية، فتحت الأبواب على مصراعيها للأحزاب من مختلف الأنواع والتوجهات. فإلى أي حد يمكن اعتبار الأحزاب التي برزت في العهد الجديد منتوجاً للانقسامات السياسية والاجتماعية لعهد أسبق؟
هذا السؤال يتضمن فرضية بأن تلك الانقسامات كانت دائماً موجودة ولكنها ظلت مخفية عن الأنظار تحت الحكم الشمولي المغطى بأيديولوجية الدولة. وحين انهار النظام الشيوعي، برزت الانقسامات إلى الوجود في شكل أحزاب سياسية. من الواضح أن هذا السؤال يطرح أيضاً في حالة الدول العربية التي غيرت أنظمتها ثورة، بالرغم من الإيحاء بأن أي عهد جديد يكون «قطيعة» مع العهد السابق.
الحقيقة أولاً، أننا نلمس تأثير الماضي على الحاضر في أكثر من مكان ومجال، بالرغم من ادعاءات الأنظمة الجديدة. و
ثانياً، أن هذه المسألة لا تتعلق بعهد معين دون بقية العهود. فقد كان السؤال مطروحاً أيضاً قبل 1989 في أوروبا حول تأثير ما قبل الشيوعية في العهد الشيوعي. وبعد 1989، وقع التركيز على تأثير العهد الشيوعي في العهد الذي خلفه.
انقسم الباحثون حول هذه القضية فريقين: قال الأول إن الأنظمة الشيوعية تمارس على البنى الاقتصادية والمؤسسات السياسية والاجتماعية والسلوكات الفردية، قدراً من التغيير هو من القوة والامتداد الزمني بحيث لا مفرّ من أن تقولب تركته سياسات ما بعد الشيوعية لفترة معينة. وقال الفريق الثاني إن قوى السوق والأفكار الليبرالية هي من القوة بحيث يمكنها التغلب على أي تركة من الماضي الشيوعي. وأما بقية الملاحظين، فيحللون مجريات الأحداث في هذه المنطقة بالاعتماد على المقاربتين في نفس الوقت. وهو الأصوب.
ماذا نقول بالنسبة لبلدان عربية يزعم القادة الجدد فيها أنهم ينوون اختراع العجلة؟ الحقيقة أنهم لو تواضعوا، لأدركوا أن المجتمع كالإنسان لا يمكنه تغيير ماضيه ولا الإفلات من تأثيره. و لو فهموا ذلك ، لتعين عليهم عدم رفض الماضي كله بل الاستفادة من تجاربه لدفع البلاد إلى الأمام. إن مأساة العراق لا تزال ماثلة أمامهم، حيث شاركت النخبة الجديدة في تدمير الدولة والمجتمع، تشفّياً وانتقاماً من شخص واحد.
ندعو الجميع إلى التعقل. و بإيجاز: عوض التفكير في إعادة اختراع العجلة، حاولوا أن تدفعوا العربة التي لديكم. سترون أن عجلاتها تدور.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store