Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حوار مع صديقي الغاضب

•جاءني صوت صديقي الأستاذ الجامعي مجلجلاً عبر الهاتف بغضب : احترموا عقولنا أيها الإعلاميون ، احترموا جهودنا التربوية ، احترموا ظروفنا الحرجة !! ..

A A
•جاءني صوت صديقي الأستاذ الجامعي مجلجلاً عبر الهاتف بغضب : احترموا عقولنا أيها الإعلاميون ، احترموا جهودنا التربوية ، احترموا ظروفنا الحرجة !! .. سألته بعد أن قبلت دور المحامي عن الإعلام ؛ الذي وضعني فيه : خير .. ما الذي حدث؟ .. انفجر بنفس النبرة الغاضبة قائلاً : ألا تكفيكم كل تلك السوداوية التي تنقلها لنا وكالات الأنباء في سوريا والعراق ومعظم بلدان العالم الإسلامي ، حتى تأتوا أنتم وتشمّروا عن سواعدكم ، لتملأوا بياض وسائلكم الإعلامية بسواد بعض الأفعال السيئة والسلوكيات الشاذة التي يمارسها من تبلدت مشاعرهم وافتقدوا للعقل !.لدرجة أن من يشاهد عناوين إعلامنا يظننا مجتمعاً من الشواذ والمنحرفين !! .. فهذا أب يقتل ابنه ويدفنه في الصحراء .. وذاك ابن يحرق والدته بالنار بعد سجنها لأيام .. وتلك مدمنة تشنق أحد أطفالها ، وآخر يمارس التحرش والقتل مع الأطفال.. وغيرها من الصور المشينة التي أغرقتمونا بها دون تعقل .. وكأنها هي القاعدة وغيرها الاستثناء .. باختصار.. لقد شوهتم صورة مجتمعنا المسلم الطيب ونسفتم كل إيجابياته وأوجه الجمال فيه !.
•وبخبث الإعلامي الطامع في موضوع جديد ؛ قلت : هذا واقع نعيشه بكل أسف .. ودور الإعلام هو نقل الصورة كما هي .. ثم ألا ترى أن نشر مثل هذه الأخبار و (بالبنط العريض) هو نوع من التوعية ؟!.. ارتفعت حدة صوته مرة أخرى وكأن قولي استفزه من جديد : عن أي توعية تتحدث ؟! ما الذي سيستفيده القارئ من التركيز على الحوادث الشاذة والمشينة ؟ .. لا شيء بالطبع ، غير كسر حدة غرائبيتها وشذوذها في نفوس الصغار وهذه جريمة بحقهم وبحق ثقافتهم التي هي في طور التشكل ، ناهيك عما تقدمه من دعم مجاني للحملات المشوهة عن الإسلام، والمسلمين .. وكأننا نؤكد من خلال إبرازها على الصفات المشينة المنسوبة ظلماً للمسلمين !.
• قلت : نحن لسنا ملائكة يا دكتور .. بل مجتمع إنساني ، يخطئ ويصيب في اليوم الواحد آلاف المرات .. هل تريد من إعلامنا أن يتّبع سياسة النعام المضللة ، فيخفي رأسه ، مدّعياً المثالية ؟! .. أجاب بعد أن هدأت فورة غضبه : وجود الزبالة -أجلّكم الله- في أي مدينة أمر طبيعي .. لكن غير الطبيعي هو أن نتجاهل كل ما هو جميل في المدينة ، ونسلط الضوء على كوم الزبالة هذا .. هذا ظلم وإجحاف .. أنا لا أطالبكم بأن تكونوا نعاماً .. وأقدر تماماً طبيعة عملكم التي تبحث عن المثير والمختلف دائماً .. كل ما أطلبه منكم هو احترام واقعنا وظروفنا الحرجة، وعدم هدم ما نبنيه في المدارس والجامعات .. أنتم شركاؤنا في التربية .. وتعلمون أن كل ما حولنا محبطٌ ومظلم .. عليكم أن توقدوا ولو شمعة واحدة ، علّها تنير الطريق للشباب .. حسّنوا الصورة في أعينهم قليلاً ..ارفعوا سقف الجمال والحب والخير في نفوسهم .. أوجدوا لهم القدوة الحسنة ..عرّفّوا بقيم الإسلام النبيلة.. انتصروا للإنسان وللإنسانية .. أميتوا الشذوذ بعدم ذكره .. أبرزوا الوجه الجميل لمجتمعنا .. توقف قليلاً ثم تابع : تناسوا ولو قليلاً مثال (الكلب الذي عض رجلاً ).. وتذكروا أنكم آباء وأمهات قبل أن تكونوا إعلاميين .
•انتهى حواري مع صديقي الأستاذ الجامعي لكن تداعياته في نفسي لم تنته.. فعلاً.. من الظلم جداً أن نتجاهل كل ما هو جميل في المدينة ، ونسلط الضوء على أكوام الزبالة ".
• بأمانة .. أقنعني .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store