Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حضرت الجماعة .. غابت الدولة

في زمن الهوان العربي لم تعد أمريكا حاكمة بأمرها فقط ، ولم تعد دولة الكيان الصهيوني هي الطرف الوحيد الذي يفرض سياسة الأمر الواقع على أعدائه من الدول العربية .

A A
في زمن الهوان العربي لم تعد أمريكا حاكمة بأمرها فقط ، ولم تعد دولة الكيان الصهيوني هي الطرف الوحيد الذي يفرض سياسة الأمر الواقع على أعدائه من الدول العربية . لقد وصل الأمر في هذا الزمن ، إلى أن أصبحنا مطمعاً لكل من هب ودب من الدول ، بما في ذلك الدول التي كانت تعاني حتى وقت قريب ، من الجفاف والمجاعة .. أعني طبعا إثيوبيا .
أصحاب مشروع (( النهضة )) لم يتمكنوا بعد أن عقدوا جلسة أمن قومي بثُّوها على الهواء مباشرة - هي السابقة الأولى من نوعها على مستوى التاريخ نظراً لتصنيف قضايا الأمن القومي ضمن خانة القضايا الأكثر حساسية والأكبر خطورة والأعلى من حيث السرية - من التقدم خطوة واحدة في اتجاه إيقاف العمل على بناء سد (( النهضة )) من قبل الطرف الإثيوبي الذي خالف القوانين الدولية فيما يخص تنظيم حصص مياه الأنهار التي تشترك في ملكيتها العديد من الدول .
هؤلاء المفلسون الذين لا يمتلكون مشروعاً ولا يستطيعون تعبئة فراغ ولا يجيدون سوى لعب دور التحريض على الكفر والكافرين - يدخل ضمن تصنيف الكفر أو ربما يتصدره كل من يختلف مع جماعات الإسلام السياسي - أثبتوا أنهم فاشلون وليس لهم مستقبل . ورغم أنهم بارعون في افتعال صراعات داخلية وخارجية لا ناقة للأوطان فيها ولا جمل ، فإنهم يثبتون اليوم أنهم لا يمتلكون أبسط أدوات إدارة صراع ما حتى لو كان طرفه الآخر دولة غارقة في فقرها وبؤسها ويعتمد اقتصادها الوطني بشكل شبه كامل ، على المعونات الخارجية !
لقد هنّا اليوم أكثر من الأمس الذي كنا غارقين خلاله في المهانة ، لأن بعض الشعوب العربية أسلمت قيادها ، وفي ظروف استثنائية جدا ، لتجار الدين الذين حولوا أوطانهم إلى جبهة داخلية للتناحر والاقتتال ، وحولوا مواطني البلد الواحد إلى أعداء يتربص كل منهم بالآخر ، في حين أنهم سكتوا عن العدو الحقيقي الذي استقوت به إثيوبيا سياسياً واعتمدت على مساعداته بالمال والتقنية والخبرة البشرية ، لبناء سد الذل .
إن بناء السد هو المرحلة الأخيرة من مراحل تركيع مصر بعد المرحلة الأولى التي تمثلت في توقيع اتفاقية العار المعروفة بمعاهدة كامب ديفيد للسلام . ولكي يتم تحضير الساحة المصرية لدخول المرحلة الأخيرة من مراحل المخطط الجهنمي لتركيعها ، كان من الضروري أن يتولى أمر البلاد من يريدون إرسال المصريين إلى أتون الحرب السورية ، تاركين أكبر خطر وتهديد تعرضت له مصر طوال تاريخها الحديث ، دون المبادرة إلى فعل استباقي يقي البلاد من الكارثة ، إلا إذا اعتبرنا أن عبارات من عينة (( كل الخيارات مفتوحة )) عملاً استباقياً أو خطة مضادة لمنع هذا العدوان الذي ينذر بحدوث كارثة مائية وبيئية واقتصادية ، وسياسية أيضاً على اعتبار أن الدولة المصرية ستفقد البقية الباقية من هيبتها بسبب هذا الاجتراء الإثيوبي عليها .
لقد غابت الدولة وحلت محلها الجماعة .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة