Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

يا جماعات الإسلام السياسي : لا تزكوا أنفسكم

من الناحية الدينية المحضة ، يقوم خطاب جماعات الإسلام السياسي على تزكية النفس مقابل تدسية الآخر ، فهل يجوز أن تكون تزكية النفس منطلقاً لرؤية سياسية أو مشروع فكري يدعي بأنه يتخذ من القيم التي أقرها القر

A A
من الناحية الدينية المحضة ، يقوم خطاب جماعات الإسلام السياسي على تزكية النفس مقابل تدسية الآخر ، فهل يجوز أن تكون تزكية النفس منطلقاً لرؤية سياسية أو مشروع فكري يدعي بأنه يتخذ من القيم التي أقرها القرآن وكرسها ، مرجعية له ؟
يقول الله سبحانه وتعالى في ذم من يزكي نفسه : ((أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا )) . النساء . النص واضح وصريح : الله سبحانه وتعالى هو وحده من يزكي من يشاء ، وكل من يزكي نفسه إنما يفعل ذلك بغية الخروج من دائرة البشر والالتحاق بالذات الإلهية . لذلك كانت تزكية النفس نوعاً من أنواع افتراء الكذب على الله سبحانه .
تزكية النفس هي أكثر المحاولات جرأة لمزاحمة الله سبحانه وتعالى ، في صلاحياته التي اختص بها نفسه . والخطورة في تزكية النفس تكمن في أنها تستتبع بالضرورة تدسية الآخر ، مع كل ما يمكن أن ينتج عن ذلك من تكفير واستباحة للدم واستحلال للعرض والمال .
من أجل محاربة كل ما سبق من نتائج مترتبة على تزكية النفس ، كان القرآن الكريم صريحاً وواضحاً جداً في مسألة كف يد الناس عن الخوض في قضية الخلافات العقدية مؤسساً لنقطتين في غاية الأهمية : الأولى : هي اختصاص الله سبحانه وتعالى بسلطة الفصل في قضية الخلافات العقدية ، والثانية : تخصيص يوم القيامة ليكون ساحة للفصل في هذه الخلافات : ((ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )) الأنعام . ((ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء انما أمرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )) الأنعام . ((وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )) البقرة . ((ان ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )) السجدة . ((ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى ان الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون ان الله لا يهدي من هو كاذب كفار )) الزمر . (( قل اللهم فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون )) الزمر . ((واتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ان ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )) الجاثية .
عندما يتولى البشر ، كما تفعل جماعات الإسلام السياسي ، مهمة محاسبة البشر وتصنيفهم ضمن خانة الخير والشر أو الإيمان والكفر ، فاعلم أن الفتنة لا بد قادمة .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة