Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

في الرد على أنصار الفوضى

لم يرق لبعض القراء المقال الذي كتبته عن مقتل المواطن المصري حسن شحاتة وثلاثة من رفاقه ، لأنني استنكرت فيه هذه الجريمة كأشد ما يكون الاستنكار .

A A
لم يرق لبعض القراء المقال الذي كتبته عن مقتل المواطن المصري حسن شحاتة وثلاثة من رفاقه ، لأنني استنكرت فيه هذه الجريمة كأشد ما يكون الاستنكار .
لن أتحدث هنا عن شرعية القتل القائم على التصنيف العقدي ، ولن أتحدث عن طبيعة معتقدات القتيل لأنني لم أسمع به إلا بعد وقوع الجريمة الوحشية التي راح هو ورفاقه الثلاثة ، ضحية لها . ما سأطرحه اليوم يتعلق بما أدهشني في بعض الردود التي لم تكتف باتهامي بمعاداة الدين ، ولكنها تجاوزت ذلك إلى حد إظهار التأييد السافر لتلك الجريمة الوحشية . أقول أدهشني لأن هذا التأييد جاء من مواطنين ينعمون بنعمة الأمن والأمان في بلادهم ، والتي تعود في الأساس إلى وجود دولة قوية قادرة ولله الحمد ، على الإمساك بزمام الأمور بحزم.
الدولة أيها السادة المستنكرون لاستنكاري ، الطاعنون في إيماني ، هي الطرف الوحيد المسؤول عن سن القوانين ، وهي الطرف الوحيد المسؤول عن تنفيذها . وأي افتئات على الدولة في تنفيذ سلطاتها وصلاحياتها ، هو جريمة نابعة من عقول مريضة بإضرام نار الفتنة .. فهل فهمتم ؟
بأي حق وبأي منطق وتحت أي مبرر شرعي ، يقوم الهمج والرعاع بقتل شخص ما ، بدلاً من الدعوة إلى محاكمته أمام القضاء ؟! وبأي منطق وأي شرع تقوم السلطة بالسكوت عن جريمة الافتئات على سلطتها في تنفيذ حكم القتل ، على افتراض أن القتيل مثل فعلاً أمام القضاء وصدر بحقه حكم الإعدام ؟!
إننا لا نعيش في غابة ، والإسلام حرص على قطع الطريق أمام كل الراغبين في الانفلات من القانون والخروج عن السلطة ، عن طريق التأكيد عبر العديد من الأحاديث الصحيحة ، على وجوب تولية أمير يكون بمثابة المرجع الذي يعود إليه الجميع . فلماذا فعل الإسلام ذلك ، وهل هناك غاية من وراء ذلك ، أهم من الحفاظ على كيان المجتمع البشري وتحصينه من التحول إلى قطيع حيواني ضمن غابة لا تعترف إلا بقوانين القوة .. ؟! ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وأصحابه : إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم. رواه أبو داود، وحسنه النووي والألباني. وفي مسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمّروا عليهم أحدهم . فهل سيقتنع الآن أنصار الفوضى والخراب بأهمية الانضباط وبقيمة وجود سلطة شرعية تكون هي المسؤولة عن تنفيذ القوانين ومحاسبة المخطئين ومعاقبة المجرمين؟!
أقولها بصراحة : إنني لست متفائلاً كثيراَ ، فمعظم من سيطرت عليهم أفكار جماعات الإسلام السياسي مستعدون للمنافحة عن زعمائهم من شيوخ الفتنة ، حتى في مواجهة النصوص المقدسة ، وهنا يكمن الداء الذي أوصل هؤلاء إلى النظر إلى الفوضى والافتئات على السلطة ، وكأنهما فضيلتان عظيمتان !
لقد كتبت الأسبوع الماضي أن مشروع جماعات الإسلام السياسي قائم على نشر الفوضى .. فهل أخطأت؟ أترك الجواب لضمائركم وعقولكم .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة