Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عندما يدخل النمر إلى المدرسة !!

•آخر مرة زرت فيها ماليزيا كانت في العام 1992 ..

A A
•آخر مرة زرت فيها ماليزيا كانت في العام 1992 .. يومها لم يكن ثمة ما يلفت الانتباه أو يستحق التدوين غير التجربة الناشئة في التعليم ، والنوايا والأمنيات الكبيرة التي كنا نلمحها بين ثنايا أحاديث الماليزيين وتصريحاتهم .. تلك الأمنيات أصابتني بالدهشة الأسبوع الماضي ، بعد أن رأيتها واقعاً ملموساً، عندما توقفت بكوالالمبور ضمن جولة في بعض عواصم الشرق الذي لم يفقد جمال طبيعته الساحرة رغم ارتدائه للثوب التنموي المطرز بالخرسانة والزجاج والإسفلت ! .
•وإذا كانت طبيعة الشرق الأقصى وأجوائه الساحرة قد أدهشت أسلافنا العرب الذين نقلوا الإسلام إلى تلك الجزر منذ القرن الثالث الهجري فان نمور الشرق (سنغافورة وماليزيا وجاراتها) التي راهنت على التعليم كخيار أوحد للتطور مازالت قادرة على إصابتك بالدهشة حين تبهرك بالنظافة والنظام والقوانين الصارمة، والانضباط المدهش ..أما إن تعمقت أكثر فستدهشك بالمساءلة والشفافية والحرية والصناعة والاكتفاء الذاتي،!. ولن يفسد عليك متعتك تلك غير المقارنات التي ستتوالد في ذهنك وتدفعك للتساؤل : كيف استطاع هذا (النمر الآسيوي) تحويل هذه الجزر النائية الى دول متقدمة في فترة وجيزة رغم الموارد الشحيحة، و التركيبة السكانية غير المتجانسة، بينما فشل (الذيب العربي) في ذلك ؟!
•الإجابة هي التعليم .. فسنغافورة التي لم تكن قبل (40) عاماً أكثر من ثكنة عسكرية بريطانية، تستورد الماء العذب من ماليزيا وتبلغ نسبة الأمية بها 47% .. استطاعت بعد أن طورت نظامها التعليمي أن تحل الكثير من مشاكلها ، وأن تقفز بشكل مذهل لتصبح بلاد تكنولوجيا المعلومات وناطحات السحاب .. و لك أن تعجب -عزيزي القارئ- إن علمت إن سنغافورة التي تمتلك واحداً من أرقي أنظمة التعليم في العالم قد تغلبت حتى على أجوائها الحارة بصنعها لممرات زجاجية مكيفة يستطيع السائح التنقل فيها براحة وأمان ، وأخرى في أعماق البحر يرى منها الكائنات البحرية .. فضلاً عن اهتمامها بالمرافق السياحية وشبكة المواصلات والخدمات التي جعلت منها واحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم.
• ما حدث في الشرق لم يأت من مجرد أمنيات وأحلام ! بل جاء بفضل ثورة تعليمية شاملة ومستديمة استهدفت الإنسان وراهنت عليه .. وان أردت الحقيقة فان المعجزة الحقيقية لم تكن في النهضة الشاملة –على عظمتها – بل في نجاحها في ترويض النمر وإدخاله للمدرسة ،في زمن لا يعلو فيه صوت فوق صوت المعرفة.
•تطوير التعليم يا سادة ليس في أن تبني مدرسة أو أن تطبع كتاباً ..التطوير الحقيقي هو أن تخلق نظاماً تعليمياً يمنح المتعلمين الفرصة لتطوير قدراتهم وكفاءاتهم وشخصيتهم وقيمهم .. نظام قادر على إنتاج مواطن منتج ومتفاعل مع وطنه وليس عالة عليه !!
•فعلاً..إذا أردت أن تعرف مدى مستقبل أمة . .فاسأل عن تعليمها !.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store